أخبارتقارير و تحقيقات

كريت.. جزيرة الزلازل التي تهز البحر المتوسط وتصل ارتداداتها إلى مصر

 

تُعد جزيرة كريت، أكبر جزر اليونان وأكثرها كثافة سكانية، واحدة من أكثر بقاع البحر الأبيض المتوسط نشاطًا زلزاليًا على مدى قرون، وهو نشاط لا يقتصر تأثيره على الأراضي اليونانية فحسب، بل يمتد أحيانًا إلى دول الجوار مثل مصر التي تشعر بين الحين والآخر بارتدادات هذه الهزات.

فمنذ العصور القديمة، رسمت الزلازل معالم جيولوجية وتاريخية في كريت، وتركت بصماتها المدمرة على سكانها وعمرانها وتراثها الحضاري. وتُعد هذه الجزيرة، الواقعة ضمن ما يُعرف بالقوس اليوناني الزلزالي، مختبرًا طبيعيًا لفهم ديناميكيات القشرة الأرضية في منطقة البحر المتوسط، حيث تتلاقى الصفائح التكتونية النشطة وتولد توترات مستمرة في باطن الأرض.

ويُعتبر زلزال عام 365 قبل الميلاد من أقدم الزلازل الموثقة في تاريخ كريت، إذ تسبب في دمار واسع النطاق، وأثار موجات تسونامي مدمرة امتدت لتضرب سواحل شمال أفريقيا. وتُظهر السجلات التاريخية أن الجزيرة شهدت سلسلة من الزلازل المدمرة على مر العصور، لكن أخطرها في العصر الحديث يعود إلى عام 1403، بحسب ما أكده الأكاديمي اليوناني البارز كونستانتينوس سينولاكيس، في مقابلة مع قناة “ميجا” اليونانية عام 2023، حيث أوضح أن الزلازل الكبرى في كريت تحدث بفاصل زمني يتراوح بين 600 إلى 800 عام.

وتوقع سينولاكيس أن تشهد المنطقة في المستقبل زلزالًا قد تصل قوته إلى 8.5 درجة على مقياس ريختر، مشيرًا إلى أن القوس اليوناني الزلزالي لا يزال يحتفظ بطاقة ضخمة قابلة للتحرر في أي لحظة. ويُعد هذا القوس أحد أكثر الأحزمة الزلزالية نشاطًا في أوروبا، إذ يمتد من غرب اليونان مرورًا بكريت وصولاً إلى شرق البحر المتوسط، ما يفسر ارتداد الهزات إلى دول مثل مصر التي تشهد بين حين وآخر رجات أرضية طفيفة ناتجة عن هذا النشاط.

ويمثل هذا التاريخ الطويل من الزلازل فرصة علمية للباحثين من مختلف دول العالم لفهم تطور النشاط الزلزالي، ومراقبة سلوك القشرة الأرضية في مناطق التقاء الصفائح، كما يُنبه إلى ضرورة تعزيز نظم الإنذار المبكر والتخطيط العمراني في المناطق المعرضة لخطر الزلازل، خصوصًا أن الزلازل في كريت لا تزال تشكل تهديدًا محتملًا يمتد أثره إلى ضفتي المتوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى