شئون عالمية

طالبان عادت الى كابل، فهل ستعود القاعدة؟

 

كتب /أيمن بحر

 

فى حديث مع اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني ومكافحة الإرهاب يقول كثر الحديث عما إذا كانت القاعدة ستعود الى واجهة الأحداث مع عودة حركة طالبان للسيطرة على كابل وأفغانستان برمتها.

 

هذا النقاش يأتى بالتزامن مع ذكرى مرور عقدين على هجمات الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 حين فجر أعضاء من التنظيم طائرات تجارية فى مبان أساسية فى الولايات المتحدة متسببين فى مقتل الالاف.

هجمات غيّرت وجه العالم فقد عمدت دولة عظمى الى شن حرب على تنظيم مسلح دولى، وبدأت تلاحق التنظيم فى كهوف أفغانستان وجبالها.

 

تنظيم القاعدة الذى بدأ كفكرة فى نهاية الثمانينيات من القرن الماضى بين أوساط المقاتلين العرب فى أفغانستان الى أن أُعلن عن الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبين الذى كانت النواة التنظيمية للقاعدة.

وكانت تفجيرات الحادى عشر من سبتمبر مفصلية فى وضع القاعدة كأكبر التنظيمات الإرهابية فى العالم.

 

ودفعت الحملة الأميركية على القاعدة التنظيم الى تغيير تكتيكاته. فبفعل الضغط الأميركى بدأت القاعدة بتجنيد أعضاء وتدريبهم فى أفغانستان ومن ثم إرسالهم لينفذوا تفجيرات فى مدن عدة حول العالم.

وبالتالى إستُهدفت مدن عدة حول العالم فى تلك الفترة، مثل بالى والدار البيضاء والرياض ومدريد ولندن وغيرها.

كل هذا جرى على وقع الغزو الأميركى للعراق وإحتلاله الذى تحول الى فرصة ذهبية للقاعدة.

وقد أتاح بروز الجيل الجديد من القاعدة فى العراق بقيادة الأردنى أبو مصعب الزرقاوى للتنظيم أن يزيد من أتباعه ويتوسع فى خلق فروع له فى مناطق أخرى كما يقول حسن حسن المتخصص فى الجماعات الإسلامية ويرأس تحرير مجلة نيولاينز فى العاصمة الأمريكية واشنطن. هذه الحقبة التى أبرزت فروعا للتنظيم فى اليمن والجزائر والصومال والعراق.

 

لم يحمل العام 2011 أخباراً جيدة للقاعدة، فالربيع العربى عندما خرج الشبان العرب يطالبون سلميا بالتغيير السياسى، همش تنظيم القاعدة بشكل ملحوظ وأثبت ذلك عدم جدوى اللجوء للحملة العسكرية القاعدية. وفى مايو/أيار قتل أسامة بن لادن زعيم التنظيم ما شكل ضربة قوية له.

 

كما شكل ظهور منافس أيديولوجى للقاعدة متمثلا فى تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية الذى سيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا تحدياً أساسياً لجهاديى القاعدة. هذه العوامل مجتمعة تركت القاعدة بقيادة متهالكة بين أفغانستان وباكستان ومجموعات صغيرة فى اليمن وسوريا ومنطقة الساحل جنوبى الصحراء.

 

وبالتالى يميز حسن بين أول عقدين فى الألفية، فى بروز وأفول القاعدة إذ شكل العقد الثانى التراجع الأساسى للقاعدة.

يراقب العالم اليوم طالبان، التى إستعادت السيطرة على أفغانستان ولا سيما أنها استضافت القاعدة لسنوات فهل تعيد القاعدة نشاطها؟.

 

طبيعة العلاقة بين القاعدة وطالبان كانت تقوم على تحالف دينى-تقليدى أكثر من كونه إندماج أيديولوجى بين الطرفين.

فيما تعبر القاعدة عن نفس سلفى-جهادى يقوم على تأسيس دولة إسلامية عبر العنف، وفق لتصور أعضائه فإن طالبان تعبر عن أيدولوجية قبلية وعرقية ودينية.

 

فطلاب المدارس الدينية التى إشتهرت فى المناطق الحدودية، بين أوساط اللآجئين الأفغان، خلال الغزو السوفيتى تحولوا الى قوة عسكرية تعبر عن القومية البشتونية (أكثر من40 ٪؜ من الأفغان) وتعبر دينياً عن المذهب الحنفى والمدارس الديوباندية.

وبالتالى فإن أيدولوجية القاعدة العابرة للجنسيات والقوميات جذبت كثيراً من الشبان المسلمين، لكن طالبان ببنيتها القومية-الدينية لم تكن لتستقطب سوى الأفغان البشتون.

ولذا تجد فى أدبيات الجهاديين تقارير، منها ما هو ميدانى بداية التسعينيات تتقصى طبيعة طالبان ومدى إمكانية التحالف معها.

 

وقد تعززت علاقة التحالف هذه خلال حكم طالبان لأفغانستان منتصف التسعينيات، واليوم مع عودة طالبان تستبعد آن ليكوسكى من معهد الدراسات الدفاعية فى العاصمة النرويجية أوسلو، ومؤلفة كتاب “القاعدة فى أفغانستان ان تستطيع القاعدة إستعادة نشاطها.

وتقول ليكوسكى شهدت القاعدة تراجعاً واضحاً وإنحصر نشاطها فى مجموعات صغيرة محلية كما أن طالبان تعود اليوم بتصور مختلف.

 

وتضيف آن الظروف تغيرت ولم تعد القاعدة تلك التى عرفناها بعد هجمات الحادى عشر من سبتمبر.

وقد لعب الخلاف مع تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية دوراً أساسياً فى إضعاف القاعدة لكن هذا التنظيم بقى يحمل ما يوصف بالأسبقية فى حمل الأيديولوجية الجهادية.

ومع إضعاف تنظيم الدولة أيضاً فإن بعضهم يرى أن أيديولوجية هجينة بين القاعدة والدولة قد تطفو الى السطح.

وهو تصور يؤكد على أنه ورغم إنحسار القاعدة وأفولها خلال العقدين الماضيين، الا أن أيدولوجية التنظيم لا تزال باقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى