الأمانة في المعاملات: ما حكم دفع العربون؟
تُعتبر مسألة دفع العربون في معاملات البيع والشراء موضوعًا مهمًا يتطلب تأملًا دقيقًا، خاصةً بالنسبة للتجار والمستهلكين. يُستخدم العربون عادةً كوسيلة لربط السلعة أو حجزها، حيث يُدفع جزء من ثمنها قبل استلامها، بينما يُسدَّد الباقي عند الاستلام. لذلك، من الضروري فهم الحكم الشرعي لدفع العربون، سعياً وراء بركة الحلال.
حكم دفع العربون في المعاملات التجارية
أوضح الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن هناك اختلافًا بين المذاهب الإسلامية حول جواز دفع العربون. حيث يرفض مذهب الحنفية والشافعية ذلك بسبب ما قد يترتب عليه من مشكلات في الحياة اليومية، بينما يوافق الحنابلة والمالكية على استخدام العربون.
وأكد عبد السميع أن العربون يُعتبر وسيلة لتوثيق الصفقة وحماية حقوق الطرفين، خاصةً في حالات الشراء، إذ قد يتراجع أحدهم عن الصفقة بعد الاتفاق. كما أشار إلى أن القانون المصري يعترف بالعربون، حيث يُسمح للبائع بالاحتفاظ به إذا قرر المشتري الانسحاب من الصفقة.
وفي حال تراجع البائع، يتوجب عليه إعادة العربون للمشتري، مع مراعاة أي شروط منصوص عليها في العقد. من الضروري أن يكون هناك عقد مكتوب يتضمن شروط العربون، مما يُمكّن الطرفين من تحديد الإجراءات المتبعة في حال التراجع عن الصفقة.
وأوضح عبد السميع أن تطبيق الشرط الجزائي يكون متاحًا في حالة تراجع أحد الطرفين، مما يسهم في تعويض الضرر الناتج عن هذا التراجع. وشدد على أهمية الالتزام بالشروط والأحكام في المعاملات المالية كأحد الأسس الرئيسية للتعامل الشرعي والمالي، مستندًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “المؤمنون عند شروطهم”، مما يعني أن أي تراجع عن الصفقة دون احترام الشروط المتفق عليها يُعد خيانة للأمانة.
ما حكم دفع عربون؟
فيما يتعلق بحكم دفع العربون، أفادت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية أنه إذا تم الاتفاق بين المشتري والتاجر على توفير سلعة معينة بمواصفات محددة، ودفع المشتري ثمن السلعة كاملاً في مجلس العقد، مع تحديد الصفات المؤثرة في الثمن وموعد تسليم السلعة، فإن هذا يُعتبر عقد سلم وهو جائز شرعًا.
كما نوهت البحوث الإسلامية في ردها على سؤال حول حكم دفع العربون، أنه إذا دفع المشتري جزءًا من ثمن السلعة بنية إتمام البيع عند تسليمها، فإن هذا العربون يُعتبر جزءًا من ثمن السلعة. وإذا لم يتم البيع، فإن المشتري يُمكنه استرداد ما دفعه كاملاً، مما يعد وعدًا بالشراء، بشرط أن يتم البيع عند حضور السلعة وفقًا لما تم الاتفاق عليه بين الطرفين.
