أخبارتقارير و تحقيقات

السيد هاني: فرحة السوريين بالحرية تواجه فوضى التصريحات والمعارضة الخارجية

 

في لحظة تاريخية فارقة، خرج الشعب السوري إلى الشوارع والميادين، يعبر عن فرحته بسقوط نظام بشار الأسد، ويلتف حول قائد هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع، الذي تمكن من تحقيق ما كان يبدو مستحيلًا بإسقاط النظام في وقت قياسي. إلا أن هذه اللحظة الوطنية الجامعة لم تسلم من محاولات تشويه وإثارة الفوضى. خصوصًا من قبل بعض أقطاب المعارضة السورية في الخارج، الذين أطلقوا تصريحات غير مسؤولة قد تدفع البلاد نحو مصير مشابه لما يحدث في ليبيا أو حتى السودان.

تصريحات تثير الجدل

من بين أكثر هذه التصريحات غرابة، ما صدر عن عبيدة النحاس، رئيس ما يعرف بحركة التجديد الوطني في سوريا، خلال استضافته في برنامج “خارج الصندوق” مع الإعلامية رشا نبيل على قناة “العربية” يوم الخميس 12 ديسمبر. حيث أشار النحاس إلى أن سوريا تعاني من “فراغ دستوري” بعد سقوط الأسد، مشددًا على ضرورة أن يتسلم أحمد الشرع السلطة من نائب الأسد، فيصل المقداد، لضمان انتقال سلمي للسلطة.

هذه الدعوة تغفل حقيقة واضحة: نظام بشار الأسد لم يسقط نتيجة وفاة طبيعية أو حادث اغتيال، وإنما نتيجة ثورة شعبية أطاحت بكل أركانه وهياكله، بما في ذلك منصب نائبه. وبالتالي، لم يعد لفيصل المقداد أي صفة تمثيلية.

الكاتب الصحفي للشؤون الدولية، السيد هاني، علّق على هذه التصريحات قائلًا: “ما صدر عن عبيدة النحاس هو محاولة يائسة لتشويه إنجاز الثورة السورية عبر طرح سيناريوهات غير واقعية تفتقر إلى أي أساس سياسي أو قانوني. الثورة أطاحت بكل منظومة النظام. بما في ذلك الرموز الباقية التي يسعى البعض لإعادة تدويرها. تصريحات من هذا النوع لا تهدف إلا لتعطيل مسار التحول الديمقراطي وإثارة البلبلة في الداخل والخارج.”

قيادة شرعية بثقة الداخل والخارج

بعكس ما حدث في مصر خلال ثورة 25 يناير 2011، حيث لم يكن للثورة رأس محدد، الثورة السورية اتفقت على قيادة أحمد الشرع، الذي اكتسب شرعيته من دعم الشعب السوري بجميع مكوناته. بما في ذلك مناطق الشمال التي أعلنت تأييدها له ورفعت علم الاستقلال.

هذه الشرعية تعززت أيضًا بدعم عربي ودولي واسع النطاق. إذ بدأت دول مثل روسيا وإيران وحتى الولايات المتحدة في التواصل مع القيادة الجديدة، مع بحث واشنطن رفع هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب وتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر.

السيد هاني أضاف في هذا السياق: “الالتفاف الشعبي حول أحمد الشرع ودعم المجتمع الدولي له يعكس قناعة واضحة بأن هذه القيادة تمتلك رؤية متماسكة وقدرة على إدارة المرحلة الانتقالية. الشرع استطاع تحقيق إنجازات في زمن قياسي. ما يمنحه شرعية لم تحققها معارضة الخارج التي تقف عاجزة عن تقديم أي حلول حقيقية.”

استعادة الحياة الطبيعية

أحمد الشرع قاد مرحلة انتقالية ناجحة خلال وقت قياسي، حيث أعاد الحياة الطبيعية إلى المدن السورية، وحافظ على مؤسسات الدولة، وحذر من المساس بحقوق الأقليات. البنوك فتحت أبوابها. الأسواق عادت للعمل، وتم جمع السلاح المنتشر. كذلك. طلب من حكومة محمد غازي الجلالي السابقة الاستمرار في تسيير الأعمال لحين انتقال السلطة إلى حكومة جديدة برئاسة محمد البشير.

الأهم من ذلك، الشرع أصدر عفوًا عامًا عن الجنود، مؤكدًا أن الهدف ليس الانتقام بل بناء سوريا الجديدة. هذه السياسات أسهمت في تحقيق الأمن والاستقرار، وأعاد الشعب السوري تذوق طعم الحرية بعد عقود من القمع.

معارضة الخارج: بحث عن المكاسب الشخصية

رغم هذا النجاح الكبير، أصابت الإنجازات المعارضة السورية في الخارج بحالة من الارتباك. المقيمون في فنادق إسطنبول رأوا في الحكم الجديد “كعكة” لا يجب أن تُترك لأحمد الشرع وحده. بدأ بعضهم في مهاجمته، بحجة عدم التشاور معهم بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، ووصفوا قراراته بأنها ديكتاتورية.

السيد هاني وصف موقف المعارضة الخارجية قائلًا: “هذه المعارضة فقدت تأثيرها في الداخل السوري، وهي اليوم تحاول استعادة نفوذها عبر انتقاد كل خطوة إيجابية تحققت على يد القيادة الجديدة. الشعب السوري واعٍ تمامًا لهذه المحاولات ولن يسمح بتحويل ثورته إلى لعبة سياسية بين معارضة الخارج وأجندات دولية.”

الحقيقة أن الحكومة التي شكلها الشرع برئاسة محمد البشير مؤقتة، عمرها 80 يومًا فقط، وتنتهي مهامها في 1 مارس المقبل. الهدف منها هو ضمان توفير الأمن والخدمات الأساسية خلال المرحلة الانتقالية. إشراك المعارضة في تشكيلها كان سيفتح بابًا للجدل والفوضى، ما قد يؤدي إلى عرقلة المرحلة الانتقالية واستغلال بعض الأطراف للوضع لتحقيق مكاسب شخصية.

تحديات وأجندات خارجية

السيد هاني قائلا: الفوضى لا تخدم سوى القوى الخارجية التي تسعى لتحقيق أجنداتها في سوريا عبر عملاء محليين مستعدين للتضحية بمصلحة الشعب. لذلك، الحفاظ على الاستقرار يمثل أولوية قصوى, والالتزام بإجراء انتخابات ديمقراطية هو الضمان الوحيد لمشاركة الجميع في مستقبل سوريا.

رسالة للشعب السوري

ما حققته الثورة السورية بقيادة أحمد الشرع هو إنجاز استثنائي يجب الحفاظ عليه. أي محاولة لإثارة الفوضى أو التشكيك في القيادة الجديدة لا تخدم سوى أعداء سوريا. الشعب السوري الذي ذاق طعم الحرية لأول مرة منذ عقود، هو وحده القادر على حماية ثورته. والمضي قدمًا نحو بناء دولة حديثة تحقق تطلعاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى