بنما ترد على تهديدات ترامب بشأن قناة بنما وسط تصاعد التوترات مع النفوذ الصيني

بدأت حكومة بنما، الاثنين، أولى خطواتها لمراجعة حسابات شركة “موانئ هاتشيسون” التي تدير موانئ قناة بنما، والتي تتخذ من هونج كونج مقرا لها، وذلك عقب تصريحات حادة أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وجاءت هذه الخطوة في أعقاب تصريحات ترامب التي أثارت جدلا حول النفوذ الصيني المزعوم في القناة الاستراتيجية، التي تعد شريانا هاما للتجارة البحرية العالمية.
ترامب يثير الجدل مجددًا حول قناة بنما
في خطاب تنصيبه الأخير. انتقد ترامب علنًا الوضع الحالي لقناة بنما، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ارتكبت “خطأ تاريخيًا” عندما سلمت السيطرة الكاملة على القناة لبنما عام 1999. وأشار إلى أن القناة، التي تتعامل مع نحو 3% من حركة التجارة البحرية العالمية، أصبحت الآن تحت تأثير نفوذ صيني مقلق، على حد زعمه. كما انتقد ترامب ارتفاع رسوم عبور القناة مؤخرا. وهي مشكلة تفاقمت بعد الجفاف الشديد الذي شهدته المنطقة في عام 2023، مما أدى إلى تغييرات جذرية في طريقة تشغيل القناة.
التحرك البنمي للرد على الانتقادات
في رد سريع على تصريحات ترامب، نشر مكتب المراقب العام في بنما مقطع فيديو يظهر فريقا من المدققين الحكوميين يصلون إلى مكاتب شركة “موانئ هاتشيسون” لبدء عملية تدقيق شاملة. ووفق بيان صادر عن المكتب، تهدف هذه الخطوة إلى ضمان الشفافية والكفاءة في استخدام الموارد العامة.
تعتبر “موانئ هاتشيسون” جزءًا من مجموعة “CK Hutchison Holdings”، وهي شركة صينية عملاقة تدير 53 ميناء في 24 دولة، بما في ذلك المملكة المتحدة وألمانيا وهونج كونج. وتسيطر على هذه الشركة عائلة لي كا شينج، إحدى أغنى العائلات في آسيا، التي تمتلك أيضا محفظة واسعة من مشاريع البنية التحتية العالمية.
أبعاد التوتر بين واشنطن وبكين
رغم تأكيد صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية أن الصين لا تسيطر فعليا على قناة بنما، فإن وجود شركات صينية في المنطقة يثير قلق المسؤولين الأمريكيين. ويضاف إلى ذلك أن حكومة هونج كونج. التي أصبحت أكثر قربا من بكين بعد أحداث قمع المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية عام 2019. تواجه انتقادات دولية بسبب سياساتها.
الرئيس البنمي يرد بحزم
بدوره، أصدر الرئيس البنمي، خوسيه راؤول مولينو، بيانًا شديد اللهجة يرفض فيه تمامًا تصريحات ترامب. وأكد أن قناة بنما ستظل خاضعة لسيادة بلاده، مشيرًا إلى أن إدارة القناة لم تكن أبدًا موضع تدخل خارجي. وقال مولينو إن استعادة الولايات المتحدة السيطرة على القناة “غير واردة”، واعتبر تصريحات ترامب محاولة لتشويه إنجاز تاريخي تحقق بجهود أجيال من البنميين.
وأضاف الرئيس البنمي: “القناة لم تُمنح لنا كهدية، بل هي ثمرة كفاح طويل بلغ ذروته في عام 1999”. وشدد على أن الحوار هو السبيل الأمثل لحل أي قضايا عالقة، مؤكدًا أن بلاده لن تتهاون في حماية سيادتها وحقوقها التاريخية.
تاريخ القناة
يعود تاريخ قناة بنما إلى عام 1914، حين أشرفت الولايات المتحدة على بنائها لتصبح واحدة من أهم الممرات المائية في العالم. ورغم أنها أعادت السيطرة عليها إلى بنما عام 1999، إلا أن القناة ما زالت محورًا رئيسيًا للتوترات الجيوسياسية، خاصة مع تصاعد النفوذ الصيني في السنوات الأخيرة.
تظل قناة بنما رمزًا للسيادة الوطنية البنمية ورافعة اقتصادية حيوية للتجارة العالمية، لكنها أيضًا تذكر العالم بالتحديات المستمرة التي تواجه الممرات الاستراتيجية في ظل الصراعات السياسية والاقتصادية بين القوى الكبرى.