عباس شراقي يوضح.. هل يشكل زلزال إثيوبيا الأخير تهديدا مباشرا لسد النهضة؟

في تطور مفاجئ، شهدت إثيوبيا زلزالا قويا أثار مخاوف واسعة بشأن سلامة سد النهضة. المشروع الذي ظل محور جدل واسع في حوض النيل. ومع تصاعد التساؤلات حول مدى تأثير الهزات الأرضية على البنية التحتية للسد. بات من الضروري التوقف عند هذه التطورات وتحليل تداعياتها المحتملة. سواء على إثيوبيا نفسها أو على دول المصب التي تراقب الوضع عن كثب.
وفقا للدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، فقد ضرب الزلزال إثيوبيا في وقت متأخر من مساء أمس الجمعة بقوة 6.0 درجات على مقياس ريختر. وذلك في منطقة الأخدود الإثيوبي بالقرب من بركان “فنتالي”، بعمق 10 كيلومترات. وأشار شراقي. عبر منشور على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك، إلى أن هذا الزلزال يعد الأقوى الذي تشهده إثيوبيا منذ 64 عاما. حيث سبقه نشاط زلزالي ملحوظ في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة، كان أبرزها زلزال بقوة 5.8 درجات في الرابع من يناير الماضي.
179 زلزالا في شهرين
وأضاف شراقي أن المنطقة شهدت خلال الشهرين الماضيين أكثر من 179 زلزالا، تراوحت قوتها بين 4.2 و6 درجات، مما أدى إلى نشاط بركاني محدود في بركان “دوفن”. حيث بدأت تنبعث منه غازات وأبخرة وكتل صخرية ومياه وطين، نتيجة لغليان المياه على أعماق تصل إلى 10 كيلومترات. هذا النشاط الزلزالي المتزايد دفع السلطات الإثيوبية، في السابع من يناير 2024. إلى إجلاء نحو 80 ألف شخص من المناطق المجاورة، خشية تصاعد النشاط البركاني أو وقوع زلازل أقوى قد تهدد حياتهم.
وأبدى شراقي مخاوفه من تأثير هذه الهزات الأرضية المستمرة، مشيرا إلى أن التشققات الكبيرة التي أصابت البنية التحتية، مثل الطرق وخطوط السكك الحديدية بين إثيوبيا وجيبوتي، قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة. كما حذر من إمكانية انهيار “سد كيسيم”، أحد السدود الصغيرة القريبة من مركز الزلزال. حيث يقع على بعد 20 كيلومترا فقط. ويبلغ ارتفاع هذا السد الركامي 90 مترًا، وتصل سعته التخزينية إلى نصف مليار متر مكعب من المياه. تستخدم في ري 50 ألف فدان من الأراضي الزراعية. ورغم أن السد مصمم لتحمل زلازل تصل إلى 5.6 درجات على مقياس ريختر، إلا أن أي هزة أقوى قد تتسبب في انهياره، مما سيؤدي إلى فيضانات كارثية تهدد حياة مئات الآلاف من السكان.
قوة الزلازل
أما فيما يتعلق بسد النهضة، فقد أوضح الدكتور شراقي أن الزلازل التي تراوحت قوتها بين 4 و6 درجات، والمسافة التي تفصل مركز النشاط الزلزالي عن موقع السد والتي تتراوح بين 500 و600 كيلومتر، لا تمثل تهديدا مباشرا عليه في الوقت الحالي. ومع ذلك، أكد أن أي زيادة في قوة الزلازل، بحيث تتجاوز 6.5 درجات، أو حدوث نشاط زلزالي أقرب إلى موقع السد، قد تشكل خطرًا حقيقيًا على بنيته.
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مطروحا حول مدى قدرة إثيوبيا على التعامل مع هذه التحديات الجيولوجية، خاصة في ظل استمرار المشاريع الكبرى مثل سد النهضة. الذي يعد حجر الزاوية في استراتيجيتها التنموية. لكنه في الوقت نفسه. يظل موضع قلق دائم لدول المصب التي تعتمد على نهر النيل كمصدر رئيسي للمياه. ومع تزايد النشاط الزلزالي في المنطقة، يصبح من الضروري أن تظل المتابعة العلمية والرقابة الهندسية حاضرة لضمان عدم وقوع كارثة قد تتجاوز آثارها الحدود الجغرافية لإثيوبيا وتمتد إلى بقية دول حوض النيل.