أخبارشئون عالمية

بين حق التخصيب والعقوبات..مفاوضات إيران وأمريكا بين التفاهم أو التصعيد

 

في منعطف دبلوماسي بالغ الحساسية، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الثلاثاء، أن جولة جديدة من المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن ستُعقد الأحد المقبل في سلطنة عمان، في محاولة جديدة لكسر الجمود المتصاعد في الملف النووي الإيراني، بعد خمس جولات سابقة لم تسفر عن اتفاق ملموس.

التصريحات التي أدلى بها المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، ونقلتها وكالة “رويترز”، كشفت عن رفض طهران الصيغة الأخيرة التي قدمتها الولايات المتحدة، ووصفتها بأنها “غير مقبولة” لافتقارها إلى حلول جوهرية في نقاط الخلاف الرئيسية، وعلى رأسها حق إيران في تخصيب اليورانيوم على أراضيها، ومصير مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، بالإضافة إلى ضمانات واضحة بشأن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة.

وأوضح بقائي أن طهران بصدد تقديم “مقترح منطقي ومتوازن” عبر الوسيط العماني، في إشارة إلى استمرار الدور المحوري لسلطنة عمان في تقريب وجهات النظر بين الطرفين. ودعا بقائي واشنطن إلى انتهاز الفرصة والرد بشكل إيجابي، في حين شدد على ضرورة أن يحقق أي اتفاق عودة حقيقية للعلاقات المصرفية والتجارية إلى طبيعتها، وربط رفع العقوبات بتحقيق مكاسب اقتصادية ملموسة لإيران. كما لم يفت المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن يوجه انتقادًا حادًا لإسرائيل، متهمًا إياها بالسعي إلى عرقلة مسار التفاوض، ومطالبًا المجتمع الدولي بالضغط في اتجاه نزع سلاحها النووي.

في المقابل، جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقف بلاده الرافض للسماح لإيران بتخصيب اليورانيوم، معتبرًا أن المطالب الإيرانية “غير واقعية”. وقال أمام الصحفيين إن “ما يطلبونه غير ممكن… إنهم يسعون إلى التخصيب، ولا يمكننا السماح بذلك”، مؤكدًا في الوقت ذاته استمرار المحادثات مع طهران رغم العقبات.

وتترقب الأوساط السياسية والدبلوماسية نتائج هذه الجولة التي تمثل أول اختبار رسمي لرد طهران على العرض الأمريكي الأخير، في ظل مؤشرات على تصعيد ميداني محتمل في حال فشل المفاوضات. كما يحظى المسار التفاوضي باهتمام دولي واسع، خصوصًا بعد مطالبة إيران بتعويضات اقتصادية ومكاسب مباشرة من أي اتفاق جديد.

وفي تطور لافت، أجرى الرئيس ترامب اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أطلعه فيه على تفاصيل المقترح الأمريكي المقدم لإيران، والذي وصفه بأنه “معقول”، مؤكدًا أن الرد الإيراني متوقع خلال أيام. ونقل مكتب نتنياهو تأكيد الرئيس الأمريكي على ضرورة عقد جولة جديدة من المحادثات قبل نهاية الأسبوع الجاري، ما يشير إلى تسارع وتيرة الاتصالات مع اقتراب موعد اللقاء في مسقط.

من جهتها، نفت إيران أن تكون قد وافقت على المقترح الأمريكي بصفته نهائيًا، مؤكدة أن المسودة المعروضة تفتقر إلى عناصر تضمن مصالحها النووية والاقتصادية، وأن الرد الإيراني سيأتي في إطار تفاوضي متكامل يتيح بحث التفاصيل بعمق.

وفي سياق متصل، كشفت شبكة “سكاي نيوز عربية” أن الاتصال الهاتفي بين ترامب ونتنياهو جرى في توقيت حساس مع تصاعد التحذيرات من أي عمل عسكري قبل استنفاد المسار التفاوضي. كما نقلت صحيفة “نيويورك بوست” عن ترامب إشادته بقدرات الوفد الإيراني التفاوضية رغم وصفه إياهم بـ”العنيدين”، محذرًا في الوقت ذاته من أن البدائل المتاحة في حال فشل الاتفاق ستكون “خطيرة للغاية”.

أما في إسرائيل، فقد صعّد عدد من المسؤولين من لهجتهم، وعلى رأسهم وزير الطاقة إيلي كوهين، الذي أكد أن بلاده “لن تتسامح طويلاً” مع استمرار تخصيب إيران لليورانيوم، ملمّحًا إلى خيارات عسكرية مطروحة على الطاولة في حال ازدياد التوتر.

وتتقاطع هذه التطورات مع ملفات إقليمية شائكة، على رأسها التصعيد في غزة، ومطالب إسرائيلية مستمرة بتشديد التنسيق الأمني مع واشنطن، ما يعكس حجم التداخل بين المسار النووي والملفات الجيوسياسية في المنطقة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى