أخبارتقارير و تحقيقات

حرائق التكييفات.. حين يتحول الهواء البارد إلى لهب مشتعل

 

كتبت: رانيا سمير

لم يكن أحد في شارع هادئ بحي العمرانية يتوقع أن يتحول جهاز التكييف المنزلي إلى مصدر ذعر، حين اشتعلت النيران فجأة في وحدة خارجية بأحد الشقق، متسببة في حريق تسلل إلى غرفة النوم المجاورة، لولا تدخل الجيران ورجال الإطفاء في الوقت المناسب. تقول أم علاء، وهي ربة منزل خمسينية، “كنا قاعدين بنتفرج على التلفزيون، وسمعنا صوت فرقعة، لقينا النار طالعة من التكييف، الكهرباء فصلت بس النار ما كانتش بتوقف”.

الحادثة لم تكن فردية. مع موجات الحر القياسية التي تشهدها مصر هذا الصيف – والتي تخطت خلالها درجات الحرارة حاجز الـ45 درجة مئوية في بعض المناطق – ارتفعت معدلات الحرائق الناتجة عن التكييفات الكهربائية، خصوصًا في المناطق ذات الأحمال الزائدة وضعف التهوية.

أرقام وإنذارات

بحسب مصدر في الحماية المدنية، فإن “نحو 15% من بلاغات الحرائق السكنية في شهري يونيو ويوليو 2025 كان سببها ماس كهربائي مرتبط بأجهزة التكييف، وأوضح أن “الخطأ لا يكون دائمًا في الجهاز نفسه، بل في طريقة تركيبه أو الإهمال في صيانته”.

بينما سجلت الشبكة الكهربائية الموحدة في مصر، الخميس، أعلى حمل كهربائي لها منذ بداية العام، حيث بلغ الحمل الأقصى 37600 ميغاوات، وفقًا لما أظهرته شاشات المركز القومي للتحكم في الطاقة.

جاء ذلك في ظل ارتفاع غير مسبوق في معدلات استهلاك الكهرباء، بزيادة يومية بلغت نحو 500 ميغاوات خلال الأيام الثلاثة الماضية، بالتزامن مع موجة شديدة من ارتفاع درجات الحرارة التي تضرب البلاد. وهو رقم غير مسبوق، مما يزيد من خطر ارتفاع الأحمال وانفجار الأسلاك الكهربائية.

كيف تشتعل التكييفات؟

يشرح المهندس محمود صابر، خبير في صيانة التبريد والتكييف، أن “وحدات التكييف الخارجية تكون معرّضة لضغط عالٍ بسبب حرارة الشمس المباشرة، ومع الغبار أو انسداد الفلاتر أو تلف الأسلاك، يمكن أن تحدث شرارة تؤدي إلى اشتعال سريع، خاصة إذا كانت الوحدة قريبة من ستائر أو أثاث قابل للاشتعال”.

ويضيف: “في بعض المنازل، لا يُراعى وجود قاطع كهربائي مستقل للجهاز، أو يتم استخدام مشترك ضعيف القدرة، مما يؤدي إلى احتكاك في الدائرة الكهربائية وتماس خطير”.

كيف نحمي بيوتنا من حريق بارد؟

بحسب ما تؤكده الإدارة العامة للحماية المدنية، هناك خطوات وقائية بسيطة لكنها ضرورية:

  • تركيب التكييفات بواسطة فنيين معتمدين فقط.
  • التأكد من وجود قاطع كهربائي منفصل لجهاز التكييف.
  • تنظيف الفلاتر دوريًا وتفقد الأسلاك والمواسير.
  • عدم تشغيل التكييف لساعات طويلة دون راحة.
  • تجنّب تركيب التكييفات في أماكن مغلقة دون تهوية.
  • عدم وضع أقمشة أو ستائر قريبة من الوحدة الداخلية.

صيف ملتهب يحتاج لوعي بارد

في ظل موجات الحر غير المسبوقة وتزايد الاعتماد على أجهزة التكييف كوسيلة وحيدة للتبريد، تصبح الحماية من الحرائق مسؤولية تشاركية بين الأفراد، والشركات، والحكومة. فالحريق لا يفرّق بين شقة فاخرة أو متواضعة، ولا يعرف إن كان الجهاز بالتقسيط أو نقدًا، لكنه يعرف طريقه إلى من يستهين بالأساسيات.

“ربنا لطف المرة دي”، تقول أم علاء وهي تشير إلى آثار السواد على جدران شقتها، “بس الناس لازم تفهم إن التكييف مش بس زرار، ده مسؤولية”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى