تراث المسرح المصري على مائدة الحوار في نقابة اتحاد الكتاب.

تراث المسرح المصري على مائدة الحوار في نقابة اتحاد الكتاب.
تحت رعاية الدكتور علاء عبد الهادي رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر والأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، عقدت لجنة إحياء التراث المعاصر برئاسة الشاعر والناقد مختار عيسى ندوتها الشهرية يوم الخميس ١٧ أكتوبر ٢٠٢٤م، لمناقشة تراث المسرح المصري مع أستاذ الأدب المسرحي بآداب حلوان أ. د. سيد علي إسماعيل ” جبرتي المسرح، بحضور أعضاء اللجنة الناقد د. محمد عليوة، والكاتب د. محيي عبد الحي، والكاتب الصحفي محمد جاد هزاع، كما حضرها الكاتب الصحفي محمود الشربيني، والكاتب الصحفي أحمد النوبي، والكاتب د. حسين البنهاوي، والكاتب المسرحي إبراهيم حسن، والأستاذ أحمد أبو باشا، وعدد من كتاب المسرح، وجمع غفير من طلاب كلية الآداب بجامعة حلوان.
وقد استهل الناقد مختار عيسى كلمته مرحبًا بضيوف اللقاء، ومتحدثًا عن بعض الدول التي تعاني من القزامة الجغرافية والتاريخية، وتحاول طوال الوقت أن تبحث لنفسها عن دور سياسي ما، ويأتي في مقدمة هذه النوعية ذات القزامة التاريخية الولايات المتحدة الأمريكية التي تبث سمومها في المنطقة العربية عن طريق الجسد اللعين متمثلا في دولة الكيان الصهيوني، وطرح عيسى عدة أسئلة باعثة على التدبر وإعادة التفكير في طريقة التعامل مع تراثنا على كافة المستويات، وفي مقدمة هذا التعامل مع التراث، تراث المسرح المصري المعاصر ، وكان في مقدمة ما طرحه.. هل إحياء التراث هو إعادة الإنتاج أم التعامل بالنقد والنقض أحيانا؟، وهل هناك علاقة ما بين هذا التراث ومعاركنا التي نخوضها على المستويات كافة؟.
وبدأ د. سيد علي حديثه مؤكدا أن مشروعه الفكري والأدبي أنتج من خلاله ٥٢ كتابا لم يكتب مثلهم أحد من قبل لحرصة الشديد على الكتابة في الجديد دائمًا، وبدأ بطرح عدة تساؤلات حول تراث المسرح، وما هو المسرح الذي نود الحديث عنه، هل هو المسرح في مصر، أم المسرح العربي إن وجد؛ لأن المسرح العربي لم يوجد له تراث قديم؟، ثم قدم عرضًا تاريخيًا شائقا عن تسلسل حركة المسرح في مصر، وتحدث عن مسرح زيزينيا الذي بدأ عام ١٨٦٣م، ثم عن المسرح العربي مع سليم النقاش عام ١٨٧٦م، ثم المسرح المصري عام ١٩٠٥م بقيادة أول فرقة مصرية مع سلامة حجازي، وقد بحث في كل ذلك بنفسه لمحاولة التأصيل الدقيق للمسرح المصري، كما تحدث عن مسرح الأزبكية ثم المسرح القومي؛ وذكر أن كلمة قومي حتى يحافظ على العروض الكلاسيكية، كما تحدث عن مشكلة المسرح العائم الآن وبداية نشأته بعد ثورة يوليو ٥٢ بستة أشهر، واستفاض في الحديث عن الأماكن المهمة التي تحتوي على كنوز تراثية حقيقية ومنها :” المركز القومي للمسرح الذي يحتوي على ١٥٠٠ نص تراثي مخطوط، ودار الكتب والوثائق القومية، ودار المحفوظات بالقلعة، وقلم الوزارات، ورقابة المسرحيات في المصنفات الفنية” وقص على الحضور صولاته وجولاته بين أروقة ودهاليز هذه الأماكن كي يستخرج منها ما لم يسبقه إليها أحد من قبل، وذكر أن مشكلة الحفاظ على التراث كبيرة وليست مشكلة الحكومة وحدها، وتحتاج إلى قناعة تامة من الباحثين كي يبحثوا ويفندوا في صحة المعلومة ودقتها، ويتحقق ذلك بالبحث الدقيق وليس بالنقل عن، كما تحدث عن عدم ريادة يعقوب صنوع للمسرح المصري، وأكد أنه لا أحد شاهد مسرحه أو كتب عنه في زمنه، وهذا ما تأكد منه عبر البحث في الوثائق، كما ذكر أن لطيفة عبد الله هي أول كاتبة ومؤلفة مسرحية في العالم العربي كله، وهي ريادة نسوية لا يعلم عنها أحد، كما تحدث عن ما وجده في الوثائق من حديث عن رواق الأقباط في الأزهر مما يدلل على سماحة الأزهر ووسطيته، وأضاف أن معظم مدرسين اللغة العربية في مصر كانوا مسيحيين قبل فترة حكم عبد الناصر، ثم تحدث عن رحلته المثيرة في البحث والتنقيب من أجل الكتابة عن شخصيات بعينها منها :” علي الكسار، ورفاعة الطهطاوي الذي عرف عنه أنه كتب وترجم في كل شيء إلا المسرح ولكنه بحث ووجد أنه ترجم مسرحية” هيلانة الجميلة “، ووجد أنها مؤرخة في عام ١٨٦٨م، وتم عرضها في المسرح الذي يوجد مكانه مكتب بريد العتبة الآن..
كما كتب عن القدير محمود مراد وهو الشخص الوحيد الذي يملك لقب المندوب الفني للحكومة المصرية في أوروبا، وهو المؤسس لجميع الأنشطة الفنية في المدارس، وهو واضع الأساس الأول لمعهد التمثيل والموسيقى العربية في مصر، وحدث الحضور عن جمعية أنصار التمثيل والسينما؛ وهي أقدم جمعية مسرحية في العالم العربي كله ، حيث وجدت منذ عام ١٩١٣م، كذلك تحدث عن بحثه عن النصوص التي كتبت في المسرح عن حرب أكتوبر ٧٣ خلال عام، ووجد ٣٠ نصا عبارة عن مخطوطات، كما تحدث عن جهده العلمي في البحث عن المسرح في مدن ” بورسعيد، وشبرا، وطنطا، ومسارح روض الفرج”، كما تحدث عن ” نجيب الريحاني الذي لا يعرفه أحد، وذكر أن كل ما كُتب عن الريحاني لا يعادل ٢٠٪ من حقيقة الريحاني، واضاف أن لديه ال ٨٠ ٪ من المعلومات المجهولة عن الريحاني والتي استقاها من البحث الدائم والتدقيق في دور الكتب والمخطوطات والفحص الجيد في صحة المعلومة، وكان لمحاضرة د. سيد علي صداها المذهل على الحضور مما دفع بمعظمهم التوجه بالسؤال والمداخلات القيمة التي زادت من ثراء الحوار، وكانت المداخلات بمثابة فتح محاور جديدة وعديدة تدور معظمها حول كيفية الحفاظ على التراث المسرحي المصري؛ لأنه يشكل هُوية فنية أصيلة لهذا الشعب والحفاظ على التراث بشكل عام ، والخطوات الواجب إتخاذها من المؤسسات الثقافية تجاه هذا التراث، وقام د. سيد علي بالإجابة على كل المداخلات ، وفي نهاية الندوة قدم له الجميع تحية شكر وتقدير وامتنان على جهده الفردي الذي فاق فيه عمل مؤسسات وكيانات ثقافية كاملة، وقدم له الشاعر والناقد مختار عيسى شهادة تقدير من النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر؛ لمشاركته الفاعلة في ندوة مناقشة تراث المسرح المصري.