تقارير و تحقيقات

بعد جدل حول “مصادرة” دير سانت كاترين… السيسي يؤكد: لن نُمسّ قدسية المكان

 

 

وسط موجة من الجدل أثارتها تقارير متداولة عن اعتزام السلطات المصرية مصادرة دير سانت كاترين التاريخي وانتزاع الأراضي التابعة له في محافظة جنوب سيناء، خرجت الرئاسة المصرية لتضع حدًا للتكهنات، مؤكدة على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي التزام الدولة الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية والروحية الفريدة للدير، وعدم المساس بها تحت أي ظرف.

وجاءت تصريحات السيسي خلال اتصال هاتفي جمعه، الجمعة، برئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، في أعقاب تداول منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن إخلاء محتمل للدير لصالح مشروعات استثمارية. وأكد الرئيس المصري، بحسب بيان رئاسي، أن دير سانت كاترين سيظل محتفظًا بطابعه المقدس، وأن الحكم القضائي الصادر مؤخرًا بشأن الأراضي المتنازع عليها لا يتعارض مع هذا الالتزام.

وكانت محكمة استئناف الإسماعيلية قد أصدرت، الأربعاء الماضي، حكمًا يفصل في نزاع قانوني يتعلق بعدد من قطع الأراضي بمنطقة سانت كاترين، وقضت بأحقية “تابعي دير سانت كاترين” في الانتفاع بالمواقع الأثرية والدينية، مع تأكيد ملكية الدولة لهذه المواقع باعتبارها من الأملاك العامة التي لا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم.

وشدد الحكم على وجوب احترام العقود المبرمة بين الوحدة المحلية لمدينة سانت كاترين وإدارة الدير بشأن بعض الأراضي المستغلة فعليًا، في حين صنّف الأراضي الأخرى ضمن نطاق المحميات الطبيعية الخاضعة لملكية الدولة العامة، مؤكدًا عدم وجود عقود قانونية سارية عليها.

وعقب صدور الحكم، بدأت حالة من البلبلة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أُثيرت مخاوف بشأن احتمالية إخلاء الدير أو بيع الأراضي المحيطة به لمستثمرين، في ظل الحديث عن مشروع تطوير ضخم تشهده المنطقة.

تداعيات القضية تجاوزت الحدود المصرية، إذ عبّرت الحكومة اليونانية عن قلقها حيال ما تم تداوله. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية اليونانية، لانا زوهيو، إن حكومتي مصر واليونان أجريتا اتصالات مكثفة خلال الفترة الماضية لضمان احترام الطابع الأرثوذكسي المقدس لمنطقة سانت كاترين، مضيفة أن وزير الخارجية اليوناني تواصل فورًا مع نظيره المصري للتأكيد على أهمية التفاهم المشترك بين البلدين.

لكن التصريحات التي فجّرت غضبًا واسعًا صدرت عن رئيس أساقفة أثينا وسائر اليونان، إيرونيموس، الذي وصف الحكم بأنه “إلغاء تاريخي لأي مفهوم قانوني”، متهماً السلطات المصرية بالسعي لمصادرة ممتلكات الدير، رغم تطمينات الرئيس السيسي خلال زيارته السابقة إلى أثينا.

في المقابل، شدد بيان الرئاسة المصرية على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وعلى حرص القاهرة على استمرار التعاون الاستراتيجي مع اليونان في جميع المجالات، بما في ذلك احترام الرموز والمواقع الدينية ذات الطابع المقدس.

دير سانت كاترين، الذي يقع على سفح جبل سيناء، يُعد واحدًا من أعرق المواقع الدينية المسيحية في العالم، حيث شُيّد في الموقع الذي يُعتقد أن النبي موسى تلقى فيه الوصايا العشر. ويُعرف الدير بكونه أقدم دير مأهول في العالم، ويمثل مزارًا دينيًا وسياحيًا هامًا، وتضم منشآته كنيسة التجلي، وعشر كنائس أخرى، ومسجدًا فاطميًا، ومكتبة فريدة تحتوي على آلاف المخطوطات النادرة.

وفي عام 2002، أُدرج دير سانت كاترين على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، في حين تعمل الحكومة المصرية حاليًا على تنفيذ مشروع تطوير ضخم في المنطقة، يستهدف تعزيز السياحة الدينية والبيئية بجنوب سيناء، مع تعهدات واضحة بعدم المساس بمكانة الدير الروحية أو بأراضيه التاريخية.

وبينما يتواصل التفاعل  حول القضية، يبقى دير سانت كاترين رمزًا للتاريخ والتراث الإنساني والديني الذي تتقاطع حوله الأديان والثقافات، فيما تحرص الدولة المصرية على تأكيد التزامها بالحفاظ على هذا الكيان الفريد من نوعه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى