حماس تُعيد تحريك مفاوضات وقف إطلاق النار والأنظار تتجه نحو القاهرة والدوحة

بينما تتواصل الغارات الإسرائيلية المكثفة على قطاع غزة، عادت حركة “حماس” إلى الواجهة السياسية بإعادة تحريك ملف المفاوضات المتعثّرة بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. وفي ظل ضغوط ميدانية وسياسية غير مسبوقة، تسعى الحركة لإعادة ضبط إيقاع المشهد التفاوضي، بعدما رفضت قبل أيام مقترحًا إسرائيليًا وصفته بـ”الجزئي والناقص”، مطالبةً بصفقة شاملة تضمن وقف العدوان وإطلاق سراح جميع الرهائن.
التحركات السياسية تسارعت بشكل لافت خلال الساعات الماضية، إذ أعلن القيادي في “حماس” طاهر النونو أن وفدًا رسميًا من الحركة، برئاسة خليل الحية، وصل إلى القاهرة للقاء الوسطاء المصريين السبت، في محاولة لصياغة رؤية متكاملة لوقف الحرب على غزة. النونو شدد على أن “سلاح المقاومة ليس مطروحًا للتفاوض”، مؤكدًا تمسك الحركة بخيار المقاومة طالما ظل الاحتلال جاثمًا على الأرض الفلسطينية.
هذه التطورات تأتي في خضم تصعيد عسكري إسرائيلي حاد، أودى بحياة عدد من القيادات الميدانية في غزة، في وقت تواجه فيه “حماس” أيضًا ضغوطًا سياسية داخلية. فبينما وُجهت إليها انتقادات مباشرة من حركة “فتح” التي اتهمتها بـ”المقامرة بمصير الشعب الفلسطيني”، صعّد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لهجته تجاهها، متهماً إياها بـ”إلحاق الضرر بالقضية الوطنية”، في تصريحات أثارت جدلًا واسعًا على المستويين الشعبي والسياسي.
في موازاة ذلك، برزت تحركات دبلوماسية في العاصمة القطرية الدوحة، مع وصول رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع، في زيارة هي الأولى منذ اتفاق الرهائن الموقع في يناير الماضي. والتقى برنياع رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في محاولة لإحياء الجهود الهادفة للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن الأسرى ووقف إطلاق النار.
الموقع الإسرائيلي “واللا” كشف أن زيارة برنياع – الذي كان قد استُبعد سابقًا من قيادة ملف التفاوض لصالح الوزير المقرب من نتنياهو، رون ديرمر – تمثل أعلى مستوى من الانخراط الإسرائيلي في هذا الملف منذ أشهر، وسط انتقادات متزايدة من عائلات الرهائن لطريقة إدارة التفاوض، التي لم تسفر حتى الآن عن أي اختراق حقيقي.
ويبدو أن التحرك الإسرائيلي الجديد يهدف إلى الضغط على قطر لتوظيف نفوذها لدى قيادة “حماس”، من أجل دفع الحركة نحو قبول صفقة تقضي بالإفراج عن بعض الرهائن وفتح الباب أمام مرحلة تفاوضية أوسع تنهي الحرب. لكن “حماس” أكدت مرارًا أنها غير معنية باتفاق مجتزأ، وأنها لا ترى بديلاً عن تسوية شاملة تُنهي العدوان وتؤمّن الإفراج الكامل عن الأسرى.