أخبارتقارير و تحقيقات

قمة الرياض: تعاون استراتيجي وتغيرات إقليمية كبرى في أول لقاء يجمع ترامب والشرع منذ ربع قرن

 

في لحظة سياسية نادرة، شهدت العاصمة السعودية الرياض اليوم الأربعاء اجتماعاً افتراضياً غير مسبوق، شارك فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر تقنية الفيديو، إلى جانب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، في مشهد يعكس بداية تحول لافت في المشهد السياسي الإقليمي.

وكشفت مصادر دبلوماسية مطلعة لوكالة “الأناضول” التركية أن الرئيس أردوغان انضم للاجتماع عبر تقنية الفيديو كونفرانس، حيث ناقش القادة ملفات ساخنة تتعلق بمستقبل الأمن في الشرق الأوسط، وسبل تعزيز الاستقرار، في ظل متغيرات دولية متسارعة وتحديات متصاعدة على أكثر من صعيد.

المفاجأة الأبرز في هذا اللقاء كانت اللقاء الأول من نوعه منذ نحو 25 عاماً بين رئيس أميركي ونظيره السوري، حيث التقى ترامب بالرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، في خطوة مفاجئة تعكس رغبة أميركية في إعادة ترتيب أوراق السياسة تجاه دمشق، وفتح صفحة جديدة مشروطة بواقع سياسي متغير.

زيارة ترامب إلى المملكة، التي تُعد المحطة الأولى من ما وُصف بـ”رحلة الشرق الأوسط”، حظيت بمتابعة إقليمية ودولية واسعة، لا سيما بعد كلمته التي ألقاها في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، والتي اتسمت بنبرة تصالحية من جهة، وحاسمة من جهة أخرى، معلناً فيها عن اتفاقيات ضخمة وصفها بـ”غير المسبوقة” في مجالي الدفاع والاقتصاد.

ففي خطوة لافتة، أعلن ترامب عن توقيع صفقة دفاعية تبلغ قيمتها 142 مليار دولار مع الرياض، تتضمن تزويد المملكة بمنظومات دفاعية متقدمة، تعزز من قدرتها على التصدي للتهديدات الإقليمية. كما أشار إلى اتفاقيات استثمارية ضخمة تتجاوز قيمتها 400 مليار دولار، تتوزع بين مشاريع بنية تحتية كبرى في السعودية، من أبرزها مطار الملك سلمان الدولي ومدينة القدية، إلى جانب استثمارات سعودية في الاقتصاد الأميركي، خاصة في قطاعات الطاقة والنقل.

وفي الشق الأمني، أكد ترامب على أهمية توحيد الجهود لمواجهة التطرف، كاشفاً عن افتتاح “المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف” في الرياض، وهو ما اعتبره محوراً أساسياً في الحرب العالمية على الإرهاب. وأضاف أن “المنطقة لن تستقر إلا إذا وقفت شعوبها صفاً واحداً ضد قوى الظلام”.

أما على صعيد السياسة الإقليمية، فقد أطلق ترامب مواقف واضحة تجاه الملفين السوري والإيراني. إذ أعلن عن نية بلاده رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مشيراً إلى “فرصة قائمة أمام الشعب السوري لبناء مستقبل مزدهر”. وفي المقابل، جدّد دعوته لإيران بضرورة الكف عن دعم الجماعات الإرهابية وزعزعة استقرار المنطقة، مؤكدًا أن واشنطن “لن تتهاون في مواجهة أي تهديد إيراني لمصالح حلفائها”.

وفي ما بدا أنه تمهيد لتحول استراتيجي إضافي، أعرب ترامب عن أمله في أن تنضم المملكة العربية السعودية قريباً إلى اتفاقيات “التطبيع” مع إسرائيل، في إطار ما يعرف بالاتفاقيات الإبراهيمية. وعبّر عن تفاؤله قائلاً: “سيكون يوماً مشهوداً عندما توقع السعودية على اتفاق السلام، لكن ذلك سيتم في الوقت الذي تراه مناسباً”.

وختم ترامب زيارته بكلمة مؤثرة أمام قادة ومستثمرين سعوديين، أعرب فيها عن إعجابه بما وصفه بـ”التحول الكبير والرؤية الطموحة” التي تقودها المملكة بقيادة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وأكد أن “السعودية اليوم تختلف جذرياً عن زيارته الأولى”، مشيداً بالجهود التي تبذلها دول الخليج لصياغة مستقبل جديد للمنطقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى