الشاعر المغربي حسن أجبوه يكتب :الشمسُ تحترقُ أحياناً..

الشاعر المغربي حسن أجبوه يكتب :الشمسُ تحترقُ أحياناً..
الشمس.. تلك الهالة السرمدية التي مافتئت تتعمد تغيير شكلها، وأنت تضغط ببقايا الطبشور على الجدار، تديرها ثم توازيها و تكورها.. تم عندما يوشك طبشورك على الانقراض، تكتفي بنقطة…
هنا لن تكفيك قطرات لعابك لتحرقها، و تمسح كل الحيطان ! تنازل عنها لغيرك ممن سيأتون بعدك، أو فقط أخرج لسانك و ابتلعها دفعة واحدة.. و ستصبح بطنك الخاوية على عروشها، نبراسا يضيء هذا المكان..
وحيدٌ أنتَ في هذا المكانِ النَّتن والمُقفر، ولا أحدَ يَراك .. تتلحَّف البرد والأرق، تُعانق أربعة حيطان هجَرتها أشعّة الشمس..تَنتحب دون صوت، تذرِف دموعاً من مُقل جاحظة..
تتمنّى أن تُسارع القوارضُ المُنتشرة بالزنزانة بنهشِ لَحمك.. فتأبى ! رائحتُك الكريهة و جسمُك النّحيل تَعافُه الأنفُس… كلُّ من حَولك يبغضُك و يتمنّى نفُوقك…
أنت الابنُ المُستهتر الذي قضى حياته مُدللا بعد وفاة أبيه. عِشت كطاوُوس نافخاً ريشَك، لا يُرفض لك أمر.. الآن تتجرّع مرارة النّسيان فتَأتيك صُورتها محلِّقة لتُطبطب على صدرك المتورّم بهواء التّبغ الرَّخيص المُتراكم بين دفّتيه .. تنبش صُور الماضي وتتساءل :
-ماذا حدث ليلَتها ؟
أهوُ المخدر اللّعين ؟ أم تخاطُرٌ لقرينك الشيطاني ؟
كل ما تتمناه اللّحظة، هو رؤيةُ قبرِها و النّوم الأبديُّ بقُربها..
-لم أكن أنا من قتلها !
دموعُ التّماسيح لن تنفعَك في استِعادتها، و قضاءِ ما تبقّى لرُوحك الجانحة بين ذراعيها!
— كان عليها تمكيني من الدراهمِ اللّعينة، أنا… أنا فقط سَحبتُهم منها.. لكنها سقَطت…
واحترقت شمسي…