
الفرجة الشعبية وقضايا المسرح السيناوي البدوي المصري
حاتم عبدالهادي السيد
افتتح مسرح قصر ثقافة العريش بشمال سيناء أول عروضه للموسم المسرحى الجديد. المسرحية من تأليف محمد إبراهيم محروس، وأشعار فاطمة موسى نبهان ؛ وموسيقا والحان محمد سلمي الشوربجي ؛ وغناء آمال ابراهيم؛ وإخراج أسعد الملكي.
سينوغرافيا الموضوع وزواج القاصرات :
لقد تناول موضوع المسرحية قضية “زواج القاصرات” وهي قضية اجتماعية تؤرق المجتمعات الصحراوية ومجتمع الفلاحين والمناطق النائية؛ والمناطق الأقل تعليمًا وثقافة وانغلاقًا بسبب عادات وتقاليد متوارثة ومعتقدات شعبية خاطئة للخلاص من تبعية تربية البنات لتكون في عنق زوج يحتويها؛ ويصبح مسئولًا عنها من جهة؛ ولأن العادات والتقاليد في المجتمعات الجغرافية العربية الحارة تلبح زواح القاصرات بسبب النضج المبكر للبنات؛ وهي ظاهرة خطيرة لأن لها تبعات طبية ونفسية واجتماعية لانها تُحَمِّلُ الأطفال مسئولية منزل وزوج ورعاية أسرة وانجاب أطفال؛ بينما تكون أجهزتها الجسمية والفسيولوجية وطبيعتها كأنثي – ربما لم تكتمل بعد ؛ وهذا يُسبب العديد من المشكلات كالطلاق؛ أو التأثير علي صحة الفتاة القاصر الصغيرة وغير ذلك؛ كما يتنافى ذلك مع الفطرة السليمة؛ والقانون الذي حدد سن الزواج بثماني عشرة عامًا كشرط لعقد الزواج الشرعي .
المسرح الإستعراضي والفرجة الشعبية :
لقد تطرق العرض مشكلة زواج القاصرات من خلال مشاهد استعراضية، تكشف مأساة الضحية وهى الطفلة والبنت والزوجة من خلال أدوار منوعة، يقوم بها عدد من الشباب محترفى التمثيل، وبينهم من يخوض التجربة لأول مرة.
كما يمكن اعتبار المسرحية ضمن ” مسرح الفرجة الشعبية ” التي تتطرق لموضوعات مجتمعية؛ وتشير إلي مشكلات ملحة تحتاج إلي علاج لتصبح للمسرح رسالة تربوية وتعليمية واجتماعية؛ إلي جانب كونه مادة للترفيه عبر الكوميديا؛ أو لتجسيد مشاهد تراجيدية يستفيد منها البشر في حياتهم كذلك؛ لينتقل دور المسرح كذلك إلى المسرح التعليمي الذي يحمل رسالة التنوير؛ ويلفت نظرالمجتمع والحكومة والمسئولين لتضعهم علي أول طريق المشكلة للعلاج والحل في أقرب فرصة ممكنة .
قضايا المجتمع والتنوير المسرحي :
تعتبر مسرحية الزيارة هي أول أعمال المخرج الشاب / أسعد الملكي إلا أن تضافر أجزاء العمل المسرحي قد أعطى المسرحية موضوعًا لفرجة استعراضية مبهرة عبر تأثيرات صوتية غاية في الجمال والروعة؛كما جاءت الموسيقى متواشجة مع نسيج السرد المسرحي ومعبرة عن دور الفتاة الضحية القاصرة؛ وظلم الأهل؛ والثقافة الخاطئة النابعة من قلة وجود التعليم والتثقيف لخطر مثل تلك الزيجات؛ وهذه رسالة إلي دور الدولة والمجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والتنويرية للتحذير من خطر هذا الزواج المبكر للفتيات؛ وهو قتل معنوي للأنوثة لدي الفتاة الطفلة المسلوبة التي تخضع لرأي الوالد والأسرة والمجتمع المحلي الذي لا يُجرم هذه الزواج؛ بينما يمنعه القانون؛والذوق العام والفطرة الإنسانية السليمة .
تحولات في الثقافة السيناوية :
من اللافت في المسرحية مشاركة عدد كبير من الفتيات فى العرض علي الرغم من طبيعة وتقاليد سيناء التي تقيد خروج الفتاة إلا بصحبة والدتها أو أحد اخوتها؛ فما بالك بالوقوف أمام الجمهور والرقص والاستعراض وهذا يعكس مظاهر التطور الفكري والثقافي لتقاليد وعادات أهل سيناء الحديثة .
ولقد شهد العرض اقبالًا شديدًا من جماهير سيناء المتعطشين لعودة المسرح والحياة الطبيعية إلي سيناء بعد غياب طال لمدة 10 سنوات نتيجة للأحداث الإرهابية التي شهدتها سيناء.. .
سيظل المسرح أبو الفنون لأنه يقدم العديد من القضايا؛ حيث تتكامل علي الخشبة المسرحية كل الفنون القولية والحركية والموسيقية والإبداعية والفنية؛ وغير ذلك .
حاتم عبدالهادي السيد
ناقد فني / سيناء.