أخبار

وسط تصعيد عسكري غير مسبوق..هل تنجح محادثات إسطنبول لقمة بين بوتين وزيلينسكي؟

 

في مشهد دبلوماسي نادر يتقاطع فيه الأمل بالحذر، تشهد مدينة إسطنبول التركية اليوم جولة جديدة من محادثات السلام المباشرة بين وفدي روسيا وأوكرانيا، في وقتٍ تتزايد فيه حدة المواجهات العسكرية على الأرض بين البلدين. المفاوضات، التي تُعقد برعاية تركية، تعكس محاولة أخرى لكسر الجمود السياسي بعد شهور من التصعيد الدامي، ووسط مؤشرات متضاربة بين إصرار عسكري ورغبة مترددة في التهدئة.

وبحسب ما أفادت به وكالة “رويترز”، فقد وصل الوفدان الروسي والأوكراني إلى إسطنبول برفقة كبار المسؤولين الأتراك، للمشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات التي تعقد في قصر “تشاراجان” التاريخي، في تمام الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت المدينة. ويتولى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان رئاسة الجلسة، بمشاركة رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن، ما يعكس رغبة أنقرة في لعب دور وسيط فعال في هذا النزاع المعقد.

تأتي هذه الجولة التفاوضية في وقت بالغ الحساسية، حيث سبقتها بساعات قليلة سلسلة ضربات متبادلة؛ إذ نفّذت أوكرانيا هجوماً بطائرات مسيّرة استهدف أربع قواعد جوية داخل العمق الروسي، بينما ردّت موسكو بشن أعنف موجة غارات على الأراضي الأوكرانية منذ العام 2022، في تصعيد يؤكد هشاشة المسار السياسي ويزيد من الضغوط على الوفدين للوصول إلى نتائج عملية.

الوفد الأوكراني، الذي توسّع إلى 14 عضواً بقيادة وزير الدفاع رستم عمروف، دخل المفاوضات وهو يحمل خارطة طريق مكتوبة، تتضمن أبرز مقترحاته: وقف إطلاق نار لمدة 30 يوماً، تبادل جديد للأسرى، إعادة الأطفال الأوكرانيين الموجودين في الأراضي الروسية، والتحضير لعقد قمة تجمع الرئيسين فولوديمير زيلينسكي وفلاديمير بوتين.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية أن الوفد قد سلّم مذكرته مكتوبة باللغتين الأوكرانية والإنجليزية، فيما أوضح رئيس الوفد الروسي، فلاديمير ميدينسكي، أن الجانب الروسي تسلّم الوثيقة، مشيرًا إلى أنها تتضمن بنودًا قابلة للنقاش. وفي السياق ذاته، عبّر نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو عن أمل بلاده في التوصل إلى “نتائج ملموسة”، ملمحاً إلى دعم صيني محتمل لهذا المسار.

وفيما تتجه الأنظار إلى ما ستسفر عنه هذه الجولة، تبقى مواقف موسكو غامضة، إذ أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن مواقف بلاده التفاوضية ستظل سرية، في حين قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن موسكو مستعدة لتقديم مذكرة مضادة للوفد الأوكراني، ما يوحي بأن الكرملين لا يغلق الباب تماماً أمام الحلول السياسية، وإنْ كان لا يفتحه على مصراعيه.

يُذكر أن الجولة الأولى من هذه المفاوضات، والتي عُقدت أيضاً في إسطنبول في مايو الماضي، كانت قد أثمرت عن اتفاق على تبادل 1000 أسير من كل جانب، وهي الخطوة الوحيدة التي حملت بعدًا عمليًا واضحًا وسط مناخ تفاوضي محفوف بالريبة. وقد تم تنفيذ عملية التبادل في 25 مايو، ما أعاد الأمل – وإن كان ضعيفًا – بإمكانية إحراز تقدم في المسار السياسي.

تجري هذه المحادثات بينما يراقب المجتمع الدولي بقلق، ويراهن الوسطاء، وفي مقدمتهم تركيا، على قدرة الأطراف على تقديم تنازلات واقعية تؤسس لمرحلة تهدئة. لكن الطريق لا يزال محفوفًا بعقبات ميدانية وسياسية، تُهدد بأن تبقى جولات إسطنبول محاولة أخرى مؤجلة في سجل محاولات السلام الطويلة والمعقدة بين موسكو وكييف.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى