كواليس نقل المومياوات الملكية إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط
بقلم : أ.د./ أيمن وزيري
أستاذ الآثار والحضارة المصرية ورئيس قسم الآثار المصرية بكلية الآثار- جامعة الفيوم
نائب رئيس مجلس إدارة إتحاد الأثريين المصريين ومُمثل مؤسسي الإتحاد إقليمياً ودولياً
تاريخ الحدث زماناً ومكاناً:
يرجع صدور قرار نقل المومياوات الملكية إلى عام 2019م ولكن تم تأجيل التنفيذ نظراً لعمليات التطوير الخاصة بالطرق والمسارات التي سيعبرها الموكب، وكذلك تطوير بحيرة عين الصيرة المجاورة للمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.
ومرة أخرى تم تأجيل الحدث في عام 2020 وذلك بسبب جائحة كورونا.
وسيشهد العالم أجمع في يوم السبت الموافق الثالث من إبريل من عام 2021م حدثاً مهماً على كافة المستويات المحلية والاقليمية والعالمية.
وهو حدث فريد من نوعه وهو ما يتمثل في عملية نقل 22 مومياء ملكية من مكان عرضها بالمتحف المصري بالتحرير إلى مكان عرضها المستقبلي بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، وسيتم ذلك من خلال موكبٍ مهيبٍ سيبهر العالم أجمع.
ماهية الحدث العالمي :
من خلال موكب رسمي عالمي فريد مكن نوعه، سيتم نقل المومياوات الملكية بشكلٍ مستقلٍ لكل مومياء على حده حيث سيتم نقلها عبر عربة مجهزة على الطراز الفرعوني، وسيشتمل الموكب على (22 مومياء ملكية) منها (18 مومياء لملوك)، و4( مومياوات لملكات)، وتلك المومياوات ترجع إلى عصر الدولة الحديثة.
وتشمل الأسرات المصرية المتعاقبة والمتمثلة في الأسرات 17، 18، 19، ومن المومياوات الملكية التي ترجع لعصر الأسرة السابعة عشرة “مومياء المحارب العظيم “سقنن رع” وهو واحداً من أعظم ملوك حرب تحرير مصر من غزو الهسكوس.
ومن الأسرة الثامنة عشرة تأتي مومياوات ” الملكة آعحمس نفرتاري” أم الملك “آمنحتب الأول” وزوجة الملك “آعحمس الأول”، ومومياء الملك “آمنحتب الأول” وزوجته ” آعحمس مريت آمون التي دفنت في المقبرة TT358 في منطقة الدير البحري”، “آمنحتب الثاني” ، “آمنحتب الثالث” ، “تحتمس الأول” ، “تحتمس الثاني”، “تحتمس الثالث”، “تحتمس الرابع” “الملكة حتشبسوت” “الملكة تي”. ومن عصر الأسرة التاسعة عشرة تأتي مومياوات الملوك “ستي الأول”، “رمسيس الثاني”،”رمسيس الثالث”، “رمسيس الرابع”، “رمسيس الخامس”، رمسيس السادس”، “رمسيس التاسع” ، “مرنبتاح” ، “ستي الثاني “”سيبتاح” ابن الملك ستي الثاني.
أين كانت تلك المومياوات وما هو مكان العثور عليها:
لقد جرى العثور على تلك المومياوات من خلال الكشف عن كل من خبيئة الدير البحري في عام 1881م، وخبيئة مقبرة الملك آمنحتب الثاني في عام 1898م .
تُعرف خبيئة الدير البحري باسم “الخبيئة الملكية”، وهي مقبرة أثرية تقع بجوار الدير البحري في جبانة طيبة في غرب الأقصر (المقبرة رقم ( TT320. ومن بين المومياوات الملكية التي عُثر عليها بداخل تلك الخبيئة: مومياوات الملوك سقنن رع تاعا، آعحمس الأول، آمنحتب الأول، تحتمس الأول، تحتمس الثاني، تحتمس الثالث، ستي الأول، ورمسيس الثالث ورمسيس الثاني، ورمسيس التاسع، ومن الملكات أحمس- نفرتاري. أما خبيئة مقبرة الملك آمنحتب الثاني (KV35) فقد عثر عليها عالم المصريات الفرنسي فيكتور لوريه في عام 1898م في وادي الملوك بالأقصر، والتي عُثر بداخلها على العديد من المومياوات الملكية منها مومياء:آمنحتب الثاني، تحتمس الرابع، آمنحتب الثالث، مرنبتاح، سا بتاح، رمسيس الرابع، رمسيس الخامس، رمسيس السادس، ستي الثاني، والملكة تي.
أهمية الحدث:
في إطار إستعدادات مصر لحدث كبير واستثنائي كبير يُمكن وصفه بالحدث العالمي خلال عام 2021م وخلال السنوات العشر الأخيرة من الألفية الثانية.
ومن المقرر نقل موكب المومياوات الملكية في يوم السبت الموافق الثالث من أبريل من عام 2021م، وذلك من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط. وستبدأ رحلة الموكب من موقعه الكائن بالمتحف المصري بميدان التحرير، حيث سيتم افتتاح أعمال تطويره وإزاحة الستار عن المسلة والكباش والنافورة التي تتوسطه ميدان التحرير حالياً وسيكون ذلك بالتزامن مع حدث نقل المومياوات الملكية ثم ينطلق الموكب عبر كورنيش النيل وسور مجرى العيون، وصولاً إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط. وسيكون هناك عدد من الشخصيات المهمة وذائعة الصيت في استقبال حدث موكب المومياوات الملكية وعلى رأسهم السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وتكمن أهمية هذا الحدث في أنه سيكون بمثابة أفضل عملية دعاية لترويج السياحة المصرية نظراً لمكانة الحدث التي ستظل راسخة في عقول وقلوب كل المتابعين للحدث من شتى الجنسيات على مستوى العالم.
وقامت الدولة المصرية بترويج هذا الحدث العالمي من خلال شراء مساحات إعلانية في غالبية البلدان العربية والأجنبية على مستوى العالم ومن خلال حضور عدد غفير من كبار الشخصيات الدولية ، كما تم تأكيد نقل الحدث وبثه عالمياً من خلال حوالي 400 قناة تليفزيونية محلية واقليمية وعالمية.
مراسم الحدث العالمي:
ستتضمن المراسم الرسمية للحدث العالمي وجود موكب رسمي لكل مومياء مستقلة حيث سيتم نقلها عبر عربة مجهزة على الطراز الفرعوني، ومن المتوقع أن ذلك الحدث سيستغرق من 45 دقيقة إلى ساعة.
وعملية نقل المومياوات ستتم بتقنيات دقيقة جداً ومن خلال مواكبة أحدث الطرق والوسائل العلمية الحديثة من خلال تغليف كل مومياء بشكلٍ مُستقلٍ داخل فقاعة نيتروجينية لتطبيق أقصى وسائل الحفاظ والاجراءات الإحترازية .
كيفية عرض المومياوات في المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط:
سيتم عرض المومياوات الملكية وفقاً لأحدث أساليب العرض المتحفي الفعال وبشكل مختلف عن الطريقة التي كانت معروضة بها في المتحف المصري بالتحرير، حيث سيتم عرضها مع التوابيت والمتعلقات الملكية وتوثيقها من خلال الأفلام الوثائقية التي تشرح كافة المعلومات المعنية باللغتين العربية والإنجليزية.
ملامح وفعاليات حدث نقل المومياوات الملكية العالمي:
ستتجه أنظار العالم أجمع يوم السبت الموافق 3 أبريل من عام 2021م، إلى قلب القاهرة وتحديدًا إلى ميدان التحرير، حيث تنطلق المسيرة المُنتظرة لموكب ملوك الفراعنة المعروف بـ “المومياوات الملكية”، لنقلها إلى موقعها الجديد في المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.
وسيتقدم الموكب العالمي لفيف من الفنانين والفنانات مرتدين الزي الفرعوني بقيادة المايسترو نادر عباسي، وبصحبة فرق الموسيقى العسكرية المرتدية للملابس الفرعونية، وسيتحرك الموكب من ميدان التحرير في عربات فرعونية في غروب شمس السبت 3 أبريل من عام 2021م، وستكون كل عربة مزينة باسم كل ملك من ملوك الفراعنة العظام.
وسيمر الموكب الملكي الذي يشتمل على 22 مومياء ملكية لملوك وملكات و17 تابوتا ملكياً، بميدان التحرير حيث سيتم الافتتاح الرسمي للميدان بعد انتهاء أعمال تطويره، ثم سيواصل طريقه إلى سور مجرى العيون الذي أيضا سيشهد افتتاحه الرسمي بعد تطويره خلال الأشهر الماضية، مروراً بمنطقة الفسطاط وصولًا إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.
وسيتم ذلك من خلال احتفالية عالمية تزينها أضواء الليزر والكشافات التي ستضئ السماء بأسماء ملوك الفراعنة الـ22 و17 تابوتاً ملكيا، حيث سيستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي ولفيف من الشخصيات الدولية موكب الملوك داخل متحف الحضارة المصرية، فضلًا عن نقل الحدث العالمي على الهواء مباشرة عبر حوالي 400 قناة محلية واقليمية وعالمية تنقل النقل الملكي لحظة بلحظة.
وسيبدأ العرض بموكب احتفالي عاملي يكون فيه كل تابوت أو مومياء على عربة مجهزة على الطريقة الفرعونية، وسيجرى كشف الستار عن المومياوات مرورًا بالنيل الذي يُعتبر مصدراً الحياة، وهي نفس طقوس المصريين القدماء. وسيتم وضع المومياوات في قاعة واحدة مخصصة لعرض المومياوات فقط، وذلك بأسلوب وطريقة عرض مختلفة عن طريقة العرض بالمتحف المصري بالتحرير، وسيمكن الزائر من رؤية المومياوات كأنها في المقابر، حيث سيكون هناك شاشات تفاعلية بجوار كل مومياء تشرح قصة حياتها ووفاتها وأماكن إصابة كل مومياء على حده.
مفاجأت سارة واخرى مخيبة للآمال في حدث نقل المومياوات :
تبدو المفاجأة الأولى مخيبة لآمال الكثيرين حيث إن المومياوات بعد نقلها للمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط لن يتم عرضها للزوار بشكلٍ مباشرٍ فوفقاً للإجراءات العلمية والاحترازية سيتم وضع تلك المومياوات في المعامل لأجراء عمليات العزل والحفظ النيتروجيني وذلك لمدة تقدر بحوالي 14 يوماً، لذا لن يكون باستطاعة الجمهور مشاهدة المومياوات قبل 14 يوماً. أما المفاجأة الثانية فتكمن في أنه يجرى حالياً وضع اللمسات النهائية لقاعة تتضمن حوالي 1500 قطعة فريده تحكى قصة الحضارة المصرية القديمة منذ عصور ما قبل التاريخ والأسرات ومروراً بالعصور والحقب التاريخية المصرية القديمة .
وسيتمكن الجمهور من زيارة القاعة الرئيسية المركزية فقط والتي سيتم افتتاحها للجمهور لمدة يومين بعد الافتتاح وذلك بصورة مجانية للتصوير لوسائل الاعلام والزيارات المدرسية للمتحف. وتطبيقاً للإجراءات الإحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا فقد تقرر ان يكون الموكب بدون جمهور حفاظاً على السلامة العامة للمواطنين وسيتم البث المباشر للحدث من خلال القنوات الفضائية المصرية والعالمية والتي ستنقل الحدث لحظة بلحظة .
وفي محاولة للترويج السياحي لمتحف الحضارة والحدث الفريد العالمي فقد تقرر تخفيض تذاكر الزيارة بنسبة 50% لمدة أسبوعين بدءًا من 4 ابريل وحتى 17 إبريل من عام 2021م، وذلك لزيارة قاعة العرض المركزية، وسيتم السماح بزيارة قاعة المومياوات الملكية بعد تجهيز القاعة ووضع المومياوات داخل فتارين العرض الخاصة بها خلال الأسبوعين التاليين لعملية النقل وتكون متاحة للجمهور بدءًا من يوم 18 أبريل المقبل الذي يتوافق مع يوم التراث العالمي.