بعد قرار الجنائية الدولية: هل يستجيب السودان لمطالب تسليم البشير؟

في جلسة إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، دعا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، السلطات السودانية إلى الكشف عن أماكن وجود الرئيس المخلوع عمر البشير، ومساعديه أحمد هارون وعبد الرحيم حسين، واعتقالهم وتسليمهم للمحكمة. يأتي هذا في سياق الجهود الدولية المستمرة لضمان المساءلة عن الجرائم المرتكبة في السودان منذ اندلاع النزاع المسلح.
أعرب أعضاء مجلس الأمن عن دعمهم الكامل لمطالب المحكمة، مسلطين الضوء على أن “الإفلات من العقاب” يشكل عاملا أساسيا في استمرار الانتهاكات الجارية في السودان. وأكد ممثلو الولايات المتحدة والدنمارك والمملكة المتحدة، خلال مداخلاتهم، ضرورة استجابة السلطات السودانية للنداءات الدولية وتحديد مصير المطلوبين. كما حملوا طرفي النزاع المسلح، الجيش وقوات الدعم السريع. مسؤولية تفاقم الانتهاكات الإنسانية المستمرة في البلاد.
جرائم ممتدة منذ دارفور صرحت المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن أن الجرائم الحالية في السودان، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، هي امتداد مباشر للفظائع التي ارتكبت خلال حرب دارفور التي اندلعت في عام 2003. وقد أسفرت تلك الحرب عن إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق البشير ومساعديه. بتهم تشمل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
منذ عام 2009، تطالب المحكمة الجنائية بتسليم البشير إلى العدالة، لكن السودان لم يستجب بشكل فعّال لتلك المطالب، حتى بعد الإطاحة بنظامه في أبريل 2019 على خلفية احتجاجات شعبية واسعة. وبعد اندلاع الحرب الحالية في السودان في أبريل 2023، ظلت التساؤلات قائمة حول مصير البشير ومساعديه. خاصة وأنهم كانوا قيد الاحتجاز قبل اندلاع النزاع الأخير. ورغم تصريحات المدعي العام كريم خان التي أكد فيها معرفته بمكان المطلوب أحمد هارون، لم يتم الكشف عن مصيرهم بشكل رسمي.
جدل دولي وضغوط متزايدة
تستر أم صعوبات حقيقية؟ اتهمت المحكمة الجنائية الدولية ومنظمات حقوقية السلطات السودانية بـ”التستر” على البشير ومساعديه، وهو اتهام تنفيه الخرطوم. في مارس الماضي. بررت السلطات عدم تسليم البشير بـ”الصعوبات الأمنية” الناتجة عن الحرب الدائرة. وفي ديسمبر الماضي. كما أشار النائب العام السوداني إلى أن بلاده ترفض محاكمات خارجية، معتبرا أن مثل هذه الإجراءات تمس بسيادة الدولة.
في المقابل، تشير مصادر سودانية إلى أن هناك أدلة تؤكد تحرك البشير وأحمد هارون بحرية في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش. وفي هذا السياق. كان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان قد صرح في وقت سابق بأن البشير “في مكان آمن”.
ضغوط دولية وإصرار على العدالة تعكس هذه التطورات إصرارا دوليا على إنهاء حالة الإفلات من العقاب في السودان. ومع استمرار الصراع المسلح وتدهور الوضع الإنساني. تتزايد الضغوط على السلطات السودانية لتقديم البشير ومساعديه إلى العدالة، ليس فقط لتحقيق الإنصاف للضحايا، بل أيضًا كخطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار في البلاد.
تبقى التساؤلات مفتوحة حول مدى استجابة السودان لهذه الضغوط الدولية. وسط تعقيدات المشهد السياسي والعسكري الداخلي. هل ستشهد الأيام القادمة تقدمًا في هذا الملف الشائك، أم سيبقى مصير البشير ومساعديه نقطة توتر دائمة بين السودان والمجتمع الدولي؟.