أخبار

غزة بين الإعمار والتهجير.. كيف تقلب مصر المعادلة؟

 

تتصدر مصر المشهد الإقليمي في مواجهة مخططات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، حيث تقود جهودا دبلوماسية مكثفة لإعادة إعمار القطاع والحيلولة دون تنفيذ مقترحات الترحيل التي أثارت موجة غضب واسعة في العالم العربي. ووفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية. فقد وضعت القاهرة جانبا كافة الحسابات السياسية التقليدية من أجل إحباط المخطط الأمريكي. الذي اقترحه الرئيس الحالي دونالد ترامب. والذي يهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه.

وترى الصحيفة أن التحركات المصرية تعكس إدراكا عميقا لحجم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية. حيث أدت المقترحات الأمريكية إلى تغيير معادلة المنطقة بأكملها.  مما دفع القاهرة إلى قيادة تحالف عربي لدعم إعادة إعمار غزة، وهو ما يعكس التزاما مصريا راسخا بالحفاظ على استقرار المنطقة ومنع أي موجة نزوح قد تزعزع الأمن الإقليمي.

الدول العربية التي كانت في السابق تأمل في توظيف إمكانياتها المالية لدعم إقامة دولة فلسطينية تجد نفسها الآن أمام معضلة كبرى، إذ تواجه ضغوطا متزايدة لمنع نزوح سكان غزة. مما يجعل إعادة الإعمار أولوية قصوى. ووفقا لمصادر مطلعة، فإن الخطة المصرية تهدف إلى تثبيت الفلسطينيين في أراضيهم. من خلال تشكيل لجنة تكنوقراط محلية لإدارة شؤون القطاع، إلى جانب تدريب قوات أمن فلسطينية بإشراف عربي لضمان استقرار الأوضاع الأمنية.

مؤتمر دولي للمانحين

ويعمل المسؤولون المصريون حاليا على حشد التمويل اللازم لهذه الخطة. حيث يسعون إلى عقد مؤتمر دولي للمانحين لتأمين الموارد المطلوبة. وتقدر المصادر أن خطة إعادة الإعمار قد تستغرق نحو خمس سنوات. وسيتم تنفيذها على مراحل، تبدأ باستعادة الخدمات الأساسية وتوفير المأوى للمتضررين. وكما تبرز أهمية الدعم الخليجي في هذا السياق. إذ تحرص مصر على تأمين التزامات مالية من الدول الخليجية. التي ترغب في ضمان عدم استخدام هذه المساعدات في أي نزاعات مستقبلية.

في الوقت ذاته، تحاول القاهرة فصل عملية إعادة الإعمار عن مسار المفاوضات المتعلقة بإقامة الدولة الفلسطينية. رغم تأكيدها على أهمية وجود خريطة طريق واضحة تؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق هذا الهدف. وكما تعتبر هذه الخطوة تحولا كبيرًا في الموقف العربي. حيث كانت العديد من الدول ترفض في السابق تمويل إعادة إعمار غزة دون ضمانات بإقامة دولة فلسطينية.

من جانبه، أكد الخبير الأمني في معهد “الخدمات المتحدة الملكي”. إتش إيه هيلير، أن مصر لن تتخلى عن حلم إقامة دولة فلسطينية، لكنها لن تجعل ذلك شرطا مسبقا لإعادة إعمار غزة، في محاولة لإنقاذ القطاع من تداعيات التهجير القسري.

رفض زيارة واشنطن

وفي إطار الجهود الدبلوماسية. كشفت الصحيفة الأمريكية أن الرئيس  عبد الفتاح السيسي رفض زيارة واشنطن ولقاء الرئيس ترامب، عقب اجتماع مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. ما يعكس موقفا مصريا صارما إزاء المقترحات الأمريكية.

وكما يرى ديفيد شينكر، المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، أن الدول العربية، خاصة مصر والسعودية والإمارات والأردن، لديها فرصة كبيرة لتقديم مقترحات بديلة، ما قد يغير مسار الأزمة الراهنة. وأشارت الصحيفة إلى أن خطة ترامب تواجه صعوبات عملية وقانونية، إذ من المستحيل فرض تهجير قسري على الفلسطينيين، كما أن الأمر يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي ويصنّف كجريمة تطهير عرقي.

مصر تقود جهود إعادة إعمار غزة

وفي سياق الاستعدادات الجارية، أفادت قناة “القاهرة الإخبارية” بأن معدات ثقيلة مصطفة على الجانب المصري من معبر رفح تمهيدًا لدخولها إلى غزة، إلى جانب شاحنات محملة بالمنازل المتنقلة. فيما أكدت شبكة “سكاي نيوز عربية” دخول أكثر من 150 شاحنة محملة بـ10 آلاف خيمة إلى شمال القطاع عبر معبر “زيكيم” الإسرائيلي.

على الصعيد السياسي، يواصل وفد من حركة حماس برئاسة خليل الحية محادثاته في القاهرة مع المسؤولين المصريين. في إطار متابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. ويأتي ذلك بعد إعلان الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، تأجيل الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، متهما إسرائيل بعدم الالتزام ببنود الاتفاق، فيما هددت تل أبيب بإنهاء الهدنة إذا لم يتم تنفيذ الاتفاق بحلول السبت المقبل.

في غضون ذلك، أطلقت بلدية غزة مناشدات عاجلة للجهات الدولية والمنظمات الإغاثية لتوفير المعدات والتمويل اللازم لإعادة الإعمار. وأوضح حسني مهنا، المتحدث باسم البلدية، أن الجهود المحلية مستمرة رغم الإمكانيات المحدودة. لكن تسريع عمليات إزالة الركام وإعادة تأهيل المناطق المتضررة يتطلب دعما دوليا ملموسا.

وكما أعرب سكان غزة عن استيائهم من بطء إزالة الأنقاض وفتح الطرق. ما دفعهم إلى تقديم شكاوى متزايدة. في ظل الحاجة الماسة إلى تسهيل الحركة في الأحياء السكنية والمناطق التجارية. وتبقى الأنظار متجهة نحو الجهود المصرية والدولية لمعالجة تداعيات الأزمة وضمان عدم تحول غزة إلى ساحة تهجير قسري، وسط تحديات سياسية وإنسانية معقدة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى