دار الإفتاء: متى تنعقد نية الصيام؟ وهل تصح أثناء الصلاة؟
كتبت: رانيا سمير
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تتزايد استفسارات المسلمين حول المسائل الفقهية المتعلقة بالصيام، ومنها مسألة عقد النية، خاصة في اللحظات الأخيرة قبل الفجر. وفي هذا السياق. أكد الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الديار المصرية سابقا، أن النية شرط أساسي لصحة الصيام. وأن محلها القلب دون الحاجة إلى التلفظ بها. مشيرا إلى أن دار الإفتاء المصرية تتلقى العديد من التساؤلات حول توقيت النية وإمكانية انعقادها أثناء الصلاة.
وأوضح فضيلته أن النية في الصيام واجبة عند جمهور الفقهاء. ويشترط عقدها قبل الفجر استنادا إلى حديث أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له” (رواه النسائي). بينما ذهب الحنفية إلى أن تبييت النية مستحب وليس واجبا، ويجوز عقدها نهارا إذا لم يكن الصائم قد تناول أي مفطرات.
وحول مسألة عقد نية الصيام أثناء الصلاة، أكد مفتي الجمهورية السابق أن الفقهاء متفقون على أن محل النية هو القلب، وأن التلفظ بها ليس شرطًا لصحتها، بل إن الكلام في الصلاة يبطلها بالإجماع. لذا. فإن عقد النية أثناء الصلاة لا يؤثر على صحتها ما دام مقتصرًا على نية القلب دون التلفظ. وجاء في “الدر المختار” الحنفي: “ونية الصومِ في الصلاة صحيحة، ولا تفسدها بلا تلفظ”، وذكر الجمل الشافعي في “حاشيته على شرح المنهج”: “تصح نية الصوم بالقلب ولو في الصلاة”، كما أقر البهوتي الحنبلي في “كشاف القناع”: “ومن خطر بباله أنه صائم غدا فقد نوى”. ومع ذلك. يشترط ألا يتعدى الأمر مجرد نية القلب، لأن التلفظ بها داخل الصلاة يبطلها. وفقا لما أكده الفقهاء. ومنهم ابن رشد المالكي في “البيان والتحصيل” والنووي الشافعي في “المجموع”.
حكم عقد نية الصوم أثناء الصلاة
وفيما يتعلق بنية صيام شهر رمضان كاملا من أول ليلة، أشار الدكتور شوقي علام إلى أن المالكية ومن وافقهم يرون أن النية الواحدة في أول ليلة من رمضان تكفي عن الشهر كله. باعتبار أن الصيام فيه عبادة متتابعة تشبه في حكمها الصلاة ذات الركعات المتصلة. وقد أقر الحطاب المالكي في “مواهب الجليل” أن الصوم الذي يجب تتابعه تكفي فيه نية واحدة من أول ليلة، كما وافقه ابن قدامة الحنبلي في “المغني”.
وبناء على ما سبق، أكدت دار الإفتاء المصرية أن عقد النية لصيام رمضان في أول ليلة منه كاف لصحة الصيام طوال الشهر وفقا لمذهب المالكية، كما أن النية أثناء الصلاة صحيحة بشرط ألا تتعدى القلب دون التلفظ بها تجنبا لبطلان الصلاة. لذا، لا حرج على المسلم الذي يستحضر نية الصيام أثناء صلاته. ما دام لم ينطق بها بلسانه، مستحضرا في قلبه العزم على الصيام ابتغاء مرضاة الله.
