أخبارتقارير و تحقيقات

السويداء تنجو من حافة الهاوية: انسحاب عشائري يعيد الهدوء المشوب بالحذر


كتبت: رانيا سمير

بعد أسبوع من الاشتباكات الدامية التي هزّت مدينة السويداء جنوب سوريا، بدأ  السبت بنبأ طال انتظاره: وقف إطلاق نار رسمي بين مقاتلي العشائر البدوية والفصائل الدرزية المحلية، تلاه انسحاب كامل لمقاتلي العشائر من أحياء المدينة، في خطوة تهدف إلى إعادة ضبط المشهد الأمني في واحدة من أكثر المناطق توترًا في البلاد.

وأعلن الشيخ عبد المنعم الناصيف، رئيس مجلس القبائل والعشائر السورية، أن جميع مقاتلي أبناء العشائر انسحبوا بالكامل من المدينة، تنفيذًا لبنود الاتفاق، موضحًا أن القرار جاء بعد “التواصل مع كافة أبناء القبائل والعشائر في السويداء، وامتثالًا لقرار وقف إطلاق النار، ورغبة في تحكيم العقل، وإتاحة الفرصة للجهات المختصة في الدولة للقيام بدورها في بسط الأمن والاستقرار”.


رد عشائري قاسٍ في حال الخرق

ورغم تأكيده التزام العشائر باتفاق التهدئة، لم يخلُ بيان الشيخ الناصيف من لهجة تحذيرية واضحة، إذ شدد على أن “أي خرق للاتفاق من العصابات الخارجة عن القانون سيقابل برد قاسٍ”، ما يعكس حالة الحذر واليقظة التي لا تزال تخيّم على المنطقة، رغم التفاهمات الأولية.

الرئاسة السورية تؤكد الاتفاق… والداخلية تعلن الإخلاء الكامل

من جانبها، أكدت الرئاسة السورية التوصل إلى اتفاق رسمي لوقف إطلاق النار في محافظة السويداء، مشيرة إلى أن جميع الأطراف الموقعة “ملزمة بتنفيذ بنوده تحت طائلة المساءلة”، على أن يُعاد تقييم الوضع خلال 48 ساعة.

في السياق ذاته، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، مساء السبت، أن قوات الأمن أخلت مدينة السويداء بالكامل من مقاتلي العشائر، مؤكدًا “وقف الاشتباكات داخل أحياء المدينة”، بعد تنفيذ انتشار أمني واسع شمل مناطق الشمال والغرب من المحافظة.

أسبوع من الجحيم: مئات القتلى والمصابين

ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن حصيلة ضحايا الاشتباكات التي اندلعت الأسبوع الماضي في السويداء بلغت 940 قتيلاً، في واحدة من أكثر المواجهات دموية في المحافظة خلال السنوات الأخيرة.

وقد شهدت المعارك اشتباكات عنيفة استخدمت فيها أسلحة ثقيلة وقذائف، وسط اتهامات متبادلة بين الطرفين بخرق الاتفاقات السابقة، قبل أن تسفر وساطات محلية ورسمية عن التوصل للاتفاق الحالي.

الدروز العائدون من إسرائيل… ملف على طاولة التهدئة

في موازاة وقف الاشتباكات، أعادت السلطات السورية بالتنسيق مع جهات أمنية ودولية عددًا من المدنيين الدروز الذين عبروا الحدود من إسرائيل إلى سوريا خلال الاشتباكات، في خطوة تحمل أبعادًا سياسية وأمنية معقدة، وتثير تساؤلات حول ترتيبات ما بعد التهدئة.

هدنة مؤقتة أم بداية مسار؟

رغم الانسحاب الميداني والتأكيدات الرسمية، لا تزال حالة القلق تخيّم على أجواء السويداء. فالتاريخ القريب في سوريا يشي بأن أي تهدئة تبقى مؤقتة ما لم تتبعها خطوات عملية على الأرض، تشمل العدالة والمساءلة وتوزيعًا عادلًا للسلطة والسلاح.

فهل تكون هذه الهدنة بداية حقيقية لاستقرار الجنوب السوري، أم أنها مجرد استراحة محارب قبل جولة جديدة؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى