حاتم عبدالهادي السيد يكتب :التكنولوجيا وأثرها على الإبداع في العالم العربي
حاتم عبدالهادي السيد يكتب :التكنولوجيا وأثرها على الإبداع في العالم العربي
تجدر الإشارة هنا إلى أن كل حركة شعرية قد واكبتها تلاحقات تجديدية من جانب النقد، الذى تأثر بالمنجر الكوني والعالمي، وبتلاحقات العقل العربي المصاحب للثورة التقنية والمعلوماتية المعاصرة، وأخذ النقد العربي طريقاً مغايرة، فلم تعد المباحث البلاغية تصلح بالكلية للتطبيقات النقدية في عصرنا المابعد حداثي- الآني-، نظراً لارتقاء العقل العالمي، وتوجهاته العلمية ، والثقافية، والتغايرية المستمرة كذلك.
وأقول : لن تنجز الشعريّة بالطبع قصائد ميكانيكية ، أو استاتيكية أو غير ذلك ، – وان وجدنا الآن القصيدة التفاعلية ، والروايات الرقمية ، وقصص الشات والميديا ،-وكذلك لن تحدث الشعرية الجديدة بدعاً – كما أحسب – في المخترع اللغوي والجمالي ،ولكنها تحاول اسقاط وهذا حق أصيل لها – المقولة الشعرية:
ما أرانا نقول الا معاداً أو معاراً من لفظنا مكرورا
بل انني أقول : ” انها أنتجت شعرية مغايرة ، ولغة جديدة قديمة ، لغة مستحدثة عبر نظريات اللغة كالاشتقاق والاختزال والإضمار والايجاز وغير ذلك ، مستفيدة من التطبيقات اللغوية ومن الظواهر الصوتية ومن الحدس الشعرى وتغاير الذائقة ومن عدة تجاورات تضاف للسابق ، تسبقه وتعوّل عليه ، ولا تنفيه مطلقاً ، بل تأخذه فى المعيّة ، والذاكرة المرجعية في محاولة منها لإنتاجية نصوص دافقة عبر نهر اللغة والابداع المتدفقين بالعقل الشعرى للقصيدة الجديدة ” .
نحن هنا لن نحيل الابداع لمذهبيات تعيقه عن النمو اللغوي ،والتطور الحتمي للأفكار، بل سنقف ، وسيقف كثيرون – عندئذ – يحاربون كل ما هو جديد ، ولكن تأبى الطبيعة الانسانية ، طبيعة العقل ، أن تتوقف عند مسلمات وبدهيات قد نكتشف فيما بعد أننا بتسليمنا الزمام لها، قد تخلفنا عن الركب الحضاري الأممي ، أو أننا بصمتنا نرتكب جريمة فى حق الابداع واللغة وحق أنفسنا فى التطور والابتكار والتفكير ، وهو الحق الانساني الأول للحياة .
إن قصيدة النثر ثمثل صورة صادقة لقصة عشق من نوع جديد؛ عشق صوفي وسوريالي، يحيل المحسوس الملموس إلى متخيلات للذات؛ ليعبر منها إلى هيوليات المابعد حداثة الرائقة البديعة؛ عبر تدفق الصورة، وتشكيليتها؛ وكأن كاتبها يفكر بالشعر؛ ولا يريد سوى مخاتلتنا بالعشق عبر الذات، وهو كصوفي متعبد في هيولي العشق؛ وكباحث متوله يعيد تشييد بناءات الذات عبر فضاءات التجريد، والقصيدة التي تنطلق من عدة مناحٍ؛ لتسوح في الكون والعالم والحياة .