منوعات

في عيدهم.. كيف حث الرسول على إعطاء العمال حقوقهم؟

الإجارة والعِمالة شُرِعَت لأن الناس في حاجة إليها، لاختلاف المواهب والتخصصات، وتحقيقا للتكامل والتعاون، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء ليُتَمِّمُ أحوال الناسِ ويُحقق المصالح بينهم، وقد شاء الله ـ تعالى ـ بحكمته أن يجعل بعض الناس أغنياء وبعضهم فقراء.

ومعلوم أنَّ الغنيَّ بحاجة إلى الفقير، وأنَّ الفقيرَ بحاجةٍ إلى الغنيَّ، والله ـ سبحانه ـ جعل الناس بهذه الصِّفةِ كلٌّ يحتاج الآخر حتى تتكامل حركة الحياة وتعمر الأرض، قال الله تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا}.. (الزخرف : 32)، فإذا قام كلٌّ بحقِّه وواجِبِهِ كما ينبغي تحققتْ السعادة والائتلاف، وأصبح المجتمع المسلم كالجسد الواحد كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).. رواه البخاري.

ودعا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصحاب الأعمال إلى معاملة العمال معاملة كريمة، وإلى الشفقة عليهم، والبرِّ بهم وعدم تكليفهم ما لا يطيقون من الأعمال، بل ارتفع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدرجة العامل والخادم إلى درجة الأخ، وهذا ما لم يُسْبَق في حضارة من الحضارات، أو في أمة من الأمم، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه ممّا يأكل، وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم).. [رواه البخاري] .

كذلك ألزم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صاحب العمل أن يسارع في وفائه وسداده للعامل والخادم أجره المكافئ لجُهده، فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).. [رواه ابن ماجه]، وفي رواية: (حقه) بدل (أجره).

وهذه الوصية النبوية تتعلق بعدم تأخير حق الأجير، وأما عدم إعطاء الأجير أجره ومنعه بالكلية فذلك من كبائر الذنوب، وقد حذر الله تعالى من ذلك وجعل آكل حق الأجير خصما له يوم القيامة، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره).. [رواه البخاري] .

وكذلك حذَّر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ظلم العمال باقتطاع شيئا من أجورهم ولو كان صغيرا، فعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي – رضي الله عنه – أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (من اقتطع حقّ مسلم بيمينه، حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النّار، قالوا: وإن كان شيئا يسيرا؟، قال: وإن كان قضيبا عودا) من أراك (سواك).. [رواه مسلم] .

وإذا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بالرحمة العامة مع الناس جميعا ـ بل مع الحيوان ـ فقال: (الراحمون يرحمُهم الرحمن، ارحموا من في الأرضِ يرحمكم من في السماء).. [رواه الترمذي]، فمما لا شك فيه أن العامل والخادم داخل في ذلك، فينبغي التعامل معهما برحمة وشفقة، ومن ثم أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صاحب العمل عدم تكليف العامل أو الخادم ما لا يطيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى