الكاديكي :ليبيا بوابة تجارية جديدة تربط أوروبا بأفريقيا وسط تحديات أمنية واقتصادية.
تسعي الدولة الليبية إلى تفعيل تجارة العبور عبر ثلاث مسارات جديدة تستفيد من موقع البلاد الجغرافي الذي يدعمها في جعلها حلقة وصل بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا، بهدف توفير موارد مالية للخزانة العامة، بعد تراكم الدين العام وتراجع إيرادات النفط والاحتياطي من العملة الصعبة.
وأكد الكاديكي “، أن الاستثمارات في المنطقة الحرة الجديدة حيث يتوقع أن تصل إلى خمسة مليارات دولار في حالة اكتمال مشروع تجارة العبور، إذ إنها ستكون حلقة وصل بين أوروبا والقارة السمراء، وسوف توفر فرص عمل لسكان تلك المناطق.
وأوضح أن مقترحات اللجنة تتمثل في تشغيل ثلاثة مسارات للمنطقة الحرة الجديدة، أولها عبر ميناء بنغازي بالمنطقة الشرقية في ميناء مرسى البريقة إلى “الكفرة”، والثاني عبر ميناء طرابلس والثالث عبر ميناء مصراته.
وأضاف الكاديكي أن المنطقة الجديدة ستفيد الدول الأفريقية المجاورة لليبيا في الجنوب كالنيجر وتشاد، وستقلل تكلفة نقل البضائع التي تصل إلى تلك الدول بنسبة 40%.
ودعا إلى ضرورة استكمال القوانين المتعلقة بهذه التجارة في ليبيا، حتى يتسنى العمل تحت مظلة تشريعية تسهل عمل المستثمرين، بالإضافة إلى تطوير ميناء بنغازي ليتحول إلى ميناء كبير يستقبل السفن الضخمة، مؤكدا أن مالطة هي المستفيد الأكبر حالياً، حيث تصلها السفن ثم تنطلق إلى الدول المستهدفة.
وأشار الكاديكي إلى أن هناك دراسات دولية تؤكد أن ليبيا ستكون في عام 2030 من أهم الخطوط الملاحية في العالم، لأنها تربط بين وسط القارة الأفريقية وأوروبا، مؤكدا أن النقل البري عبر ليبيا للنيجر، على سبيل المثال، سوف يخفّض التكلفة بشكل كبير.
وقال إن هناك مكاتب جمركية سوف تكون في بعض المناطق، موضحاً أن نقل البضائع من الطريق الذي تمر منه شاحنات الوقود من بنغازي وحتى الجنوب الليبي، إلى تشاد والنيجر، سيتم بالتنسيق مع سكان محليين وحرس الحدود لتمر بشكل آمن من دون السطو عليها.
ويهدف إنشاء المناطق الحرة إلى إحياء تجارة العبور التي كانت تتم في أزمنة سابقة بمسمى “تجارة القوافل”، وستعمل المناطق الحرة على تفعيل عمليات التصنيع المختلفة، كما تقدم الخدمات المصرفية والتأمينية والاستثمارية بكافة أنواعها، وكذلك نقل وتوطين التقنية والمعرفة وتطويرها في بيئة حرة من القيود، بما يخدم ويدعم الاقتصاد الوطني، ويساهم في تطوير التبادل التجاري والسلعي والخدمي.
وفي المقابل، يرى الخبير في مجال التخطيط، الاستراتيجي د خالد الكاديكي خلال حديثه لـ “الموتمر الاقتصادي لرجال الاعمال في تونس “، أن تجارة العبور قد لا تجدي نفعاً في ظل الفوضى الأمنية التي تعانيها البلاد، ولاسيما أن المردود الاقتصادي لهذه التجارة ضئيل على ليبيا، مؤكداً أن تفعيل تجارة العبور لتقليل عملية التهريب مهم، ولكن يحتاج إلى إمكانيات كبيرة.
وقال إن النظام السابق فكر في إنشاء سكة حديدية من الشمال إلى الجنوب الليبي من أجل نقل الحديد الخام هناك، ولكن دراسة حكومية توصلت إلى أن عملية النقل غير مجدية اقتصادياً في ذلك الوقت.
ومن جانبه، أكد أن تجارة العبور فكرة قديمة، إذ كانت هناك نية لإنشاء طريق لربط ليبيا بأفريقيا في عهد النظام السابق الذي أطاحت به الثورة الليبية عام 2011، ولكن المشروع توقف رغم أن تجارة العبور تسهم بشكل كبير في انتعاش التجارة مع الحدود المتاخمة مع أفريقيا، وتقليل عدد المهاجرين غير الشرعيين.
واستندت الحكومة إلى قانون رقم (9) لسنة 2009 بتنظيم تجارة العبور والمناطق الحرة، الذي يجيز إنشاء مناطق حرة خاصة لغرض إقامة مشروع معين أو ممارسة نشاط محدد يمنح ميزات عديدة للمستثمرين.
وتسعى من خلالها الدولة الليبية إلى إنقاذ الوضع الاقتصادي المتأزم، عبر استحداث العديد من الآليات لمواجهة التراجع الحاد في الإيرادات وزيادة العجز المالي. وأظهرت بيانات مصرف ليبيا المركزي أن تداعيات أزمة الحقول النفطية ساهمت في تدنّي الإيرادات من 52.2 مليار دولار عام 2012 إلى 4.8 مليارات دولار عام 2016 وفي الختام اكد الدكتور الكاديكي علي اهمية تفعيل تجارة العبور عبر مسارات وشبكات من الطريق لتسهل تناقل البضائع من الشمال القارة الافريقية الي جنوبها .
د خالد الكاديكي الخبير الاستراتيجي في التنمية الاقتصادية .