من الهجرة إلى المناخ: ترامب يثير جدلا بقراراته التنفيذية الأولى

بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته بقرارات تنفيذية حاسمة ومثيرة للجدل، مستهدفا قضايا محورية مثل الهجرة، الاقتصاد، المساواة، والعفو الجنائي. وحرص ترامب على تنفيذ وعوده الانتخابية من خلال التراجع عن إرث سلفه جو بايدن. حيث ألغى ما مجموعه 78 أمرا تنفيذيا كان بايدن قد وقعها. بما في ذلك 12 أمرا مرتبطا بالمساواة العرقية. حقوق المثليين والمتحولين جنسيا، وأخرى متعلقة بالسياسة الخارجية في الشرق الأوسط.
قرارات ترامب كانت بمثابة بيان سياسي واضح يؤكد التزامه بإعادة تشكيل أولويات الحكومة الفيدرالية وفق رؤيته. إلا أنها أثارت موجة واسعة من الجدل داخليا وخارجيا. ومن أبرز القرارات. وقع ترامب أمرا ينهي حق الحصول على الجنسية بالولادة لأبناء المهاجرين غير النظاميين. وهو قرار يصطدم بدستور أمريكي يكفل هذا الحق منذ 125 عاما. ما يفتح الباب أمام معارك قانونية طويلة.
في خطوة أثارت انتقادات واسعة من المجتمع الدولي. أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية. متهما المنظمة بسوء إدارة جائحة كوفيد-19. كما أصدر إعلانا بحالة طوارئ وطنية على الحدود الجنوبية لتعزيز الأمن ومنع تدفق المهاجرين، وهي إحدى القضايا التي جعلها محورًا لسياساته منذ حملته الانتخابية الأولى.
قرارات ترامب التنفيذية
على الصعيد الاقتصادي، وقع ترامب أمرا تنفيذيا يعلن حالة طوارئ في قطاع الطاقة بهدف زيادة الإنتاج وتقليل التكاليف، في محاولة لتقليص التضخم وتحقيق اكتفاء ذاتي في مصادر الطاقة. أما في السياسة الخارجية. ألغى العقوبات التي فرضها بايدن على المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة. وأعاد كوبا إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب، متهمًا حكومة بايدن بتقديم تنازلات غير مبررة في سياسته الخارجية.
في السياق البيئي، أعاد ترامب مسار الولايات المتحدة نحو الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، مؤكدا معارضته للجهود الدولية التي تهدف لمكافحة تغير المناخ، معتبرا أن الاتفاقية تمثل عبئا اقتصاديا على الولايات المتحدة. أما داخليا، أصدر ترامب عفوا عن 1500 شخص متورطين في أحداث اقتحام مبنى الكابيتول. في خطوة اعتبرها معارضوه تحديًا صارخًا للقانون والنظام.
ترامب لم يغفل قضايا الهوية والمساواة. حيث ألغى عدة أوامر تنفيذية عززت حقوق المثليين والمتحولين جنسيا، مؤكدًا أن الحكومة ستعترف بجنسين فقط: الذكر والأنثى. كما ألغى قرارات تهدف لدعم الأقليات العرقية مثل السود واللاتينيين والأمريكيين الأصليين، معتبرًا أنها تدخل في إطار “محاولات الهندسة الاجتماعية” التي يجب وقفها، وفق تعبيره.
من بين القرارات الأكثر غرابة، وجه ترامب بتغيير اسم “خليج المكسيك” إلى “خليج أمريكا”، في خطوة رأى البعض أنها تحمل رمزية وطنية مبالغ فيها. وفي خطوة لافتة أثارت تساؤلات عدة، كما وقع أمرا يمنح تطبيق تيك توك مهلة 75 يوما للعثور على مشترٍ أمريكي، مع اقتراح استحواذ الحكومة الأمريكية على نسبة من التطبيق.
قرارات ترامب أثارت جدلا واسعا ليس فقط بسبب محتواها، ولكن أيضا بسبب سرعتها وجرأتها في التراجع عن سياسات بايدن. وبينما يدافع ترامب عن هذه الإجراءات باعتبارها جزءا من رؤيته لإعادة أمريكا إلى مسار “الاستقلال والسيادة”. كما يرى منتقدوه أنها خطوات رجعية قد تقود البلاد إلى مزيد من الانقسام الداخلي والعزلة الدولية.
كما تبدو الولايات المتحدة في عهد ترامب مقبلة على فترة مليئة بالتحديات القانونية والسياسية. في ظل قرارات قد تشعل نقاشات حادة بين مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية. وهو ما يضع مستقبل هذه السياسات على المحك في ظل نظام ديمقراطي لا يزال قادرا على مساءلة القيادة.