من عبد الناصر إلى السيسي.. كيف واجهت مصر مخططات تهجير الفلسطينيين؟
على مدار العقود الماضية، تصدرت مصر المشهد السياسي في الدفاع عن القضية الفلسطينية، رافضة جميع المحاولات الرامية إلى تصفيتها أو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم. فمنذ نكبة 1948، تبنت القاهرة موقفا ثابتا يدعم الحقوق الفلسطينية المشروعة، مؤكدةً في مختلف المحافل الدولية والإقليمية أن الحل العادل يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ورافضةً أي مشاريع تسعى إلى توطين الفلسطينيين خارج وطنهم. وبفضل دبلوماسيتها الفاعلة، نجحت مصر في التصدي للعديد من المخططات التي استهدفت الهوية الفلسطينية، لتظل درعًا سياسيًا يحمي حقوق الفلسطينيين في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
عبد الناصر.. ترسيخ الهوية الفلسطينية ومواجهة مشاريع التهجير
خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، كانت القضية الفلسطينية في صدارة أولويات السياسة المصرية، حيث تبنّى موقفًا صارمًا ضد أي مخطط لتهجير الفلسطينيين، وسعى إلى ترسيخ هويتهم الوطنية. رفض عبد الناصر بشدة أي مشاريع تهدف إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين خارج أرضهم، وكان يؤكد أن الحل الوحيد والعادل هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة. بعد العدوان الثلاثي عام 1956، استمر في دعمه للقضية الفلسطينية، وواجه الضغوط الدولية التي حاولت فرض حلول تهجيرية على الفلسطينيين.
السادات واتفاقية كامب ديفيد
على الرغم من توقيع الرئيس أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، والتي أدت إلى السلام بين مصر وإسرائيل، إلا أنه لم يتنازل عن دعمه للقضية الفلسطينية. شدد في جميع خطاباته على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ورفض بشكل قاطع أي مشاريع توطين للفلسطينيين خارج أراضيهم. كان السادات يدرك خطورة المحاولات الإسرائيلية لفرض واقع ديموغرافي جديد في المنطقة، لذلك كان دائم المطالبة بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967 وإعادة الحقوق لأصحابها.
مبارك.. دعم حق العودة ورفض التوطين
في عهد الرئيس حسني مبارك، واصلت مصر موقفها الثابت في دعم الفلسطينيين، حيث رفضت أي مخططات لتهجيرهم أو توطينهم خارج وطنهم. لعبت القاهرة دورًا محوريًا في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكانت دائمًا تشدد على أهمية حل الدولتين. كما وقفت بقوة ضد أي محاولات لطمس الهوية الفلسطينية أو فرض حلول لا تلبي الحقوق المشروعة للفلسطينيين، وخاصةً في قطاع غزة والضفة الغربية.
السيسي.. مواجهة مخطط تهجير الفلسطينيين بكل حزم
منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، شددت مصر على رفضها القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين، خاصة بعد تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، والذي أعاد الحديث عن مشاريع تهجير سكان القطاع إلى مصر أو دول أخرى. قوبلت هذه المحاولات برفض حاسم من القاهرة، حيث أكد السيسي أن مصر لن تسمح بأي شكل من الأشكال بتصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير سكان غزة، معتبرًا ذلك مساسًا بالحقوق الفلسطينية المشروعة.
وفي عدة مناسبات، سواء خلال القمم العربية أو اللقاءات الدولية، شدد الرئيس المصري على ضرورة التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، يقوم على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. كما لعبت مصر دورًا حيويًا في تقديم الدعم الإنساني لغزة، حيث استمر فتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية للمتضررين من العدوان الإسرائيلي، تأكيدًا على التزامها الدائم بدعم الشعب الفلسطيني.
موقف مصر.. ثبات لا يتغير
عبر العهود المختلفة، ظل الموقف المصري ثابتا في مواجهة أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين. ومن خلال الجهود السياسية والدبلوماسية، تمكنت مصر من إفشال العديد من المشاريع التي استهدفت تفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها. واليوم، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، تواصل القاهرة موقفها الرافض لأي محاولات لتغيير الواقع الديموغرافي للقطاع، مؤكدةً أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.