المزيد

كلمة وزير الخارجية بسلطنة عُمان خلال افتتاح مؤتمر المحيط الهندي الثامن بمسقط

كلمة  بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية بسلطنة عُمان، خلال افتتاح أعمال مؤتمر المحيط الهندي الذي تستضيفه سلطنة عمان ممثلة بوزارة الخارجية خلال يومي 16-17 فبراير 2025:

أصحاب المعالي والسعادة، الأصدقاء الأعزاء،

يشرفني أن أرحب بكم في سلطنة عمان، ويسعدنا أن تستضيف مسقط النسخة الثامنة من مؤتمر المحيط الهندي.

أتوجه بخالص الشكر لمؤسسة الهند على تنظيم هذا الحدث، بدعم من كلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، ولكل من أسهم في إنجاح هذا المؤتمر.

المحيط الهندي: ماضٍ مشترك، تحديات الحاضر، وآفاق المستقبل

يجمعنا اليوم إيمان مشترك بأن المحيط الهندي ليس مجرد مساحة مائية، بل هو شريان للحياة الاقتصادية، ومنصة للتبادل، وجسر للتواصل والصداقة.

نحن أمام مسؤولية مشتركة لمعالجة قضايا مثل حماية البيئة البحرية، وضمان حرية الملاحة، وتعزيز قدرة المجتمعات الساحلية على مواجهة تغير المناخ. كما أن هذا المؤتمر يمثل فرصة لاستكشاف الإمكانات غير المستغلة لمحيطنا.

ترتكز الرؤية الاقتصادية لسلطنة عمان على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، خصوصًا في قطاعات الاقتصاد الأزرق، والبنية التحتية للموانئ، والخدمات اللوجستية. ونأمل أن يتيح لنا هذا المؤتمر تطوير استراتيجيات مستدامة ومفيدة للجميع.

الشراكة تتجاوز القضايا البحرية

لا تقتصر شراكتنا على المسائل البحرية، بل تمتد لتشمل التحول في مجال الطاقة، والتكنولوجيا، والرؤى المشتركة لدول الجنوب.

إن سياسة سلطنة عمان تقوم على البحث عن نقاط الالتقاء، وتعزيز الحوار، واحترام التعددية، والابتعاد عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

نحن ندعو الجميع إلى تبني نهج قائم على الثقة، والقيادة بالمثال، والاستماع والانخراط البناء، والاحترام المتبادل. فمن خلال هذه المبادئ، يمكننا تحقيق فهم أعمق لوجهات النظر المختلفة، وتعظيم الاستفادة من تجارب شركائنا، وبناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.

التاريخ شاهد على أهمية التعاون البحري

لطالما كانت عمان أمة بحرية على مدى آلاف السنين، حيث شكل المحيط بالنسبة لأسلافنا بوابة للتجارة وتبادل الثقافات، وهو لا يزال كذلك حتى اليوم.

لقد قدم كل مجتمع مهاراته، وسلعه، ورؤاه الفريدة، ومن خلال الشراكة البحرية، تمكنا جميعًا من الاستفادة من هذا التنوع.

لكن هذا التعاون لم يكن ليتحقق دون حوار لوضع القواعد، وتعاون لتنفيذها، وثقة في حسن نوايا الشركاء، وهو ما أدى إلى تطوير قانون البحار.

منذ القرن السابع، أسس البيزنطيون الأعراف البحرية، بينما رسخ الفقيه الهولندي هوغو غروشيوس في القرن السابع عشر مبدأ “البحر الحر”، الذي أصبح حجر الأساس للقانون البحري الدولي.

وفي القرن العشرين، دفعت الحاجة إلى استغلال الموارد البحرية ومواجهة التحديات المشتركة مثل القرصنة والصيد غير القانوني والجريمة العابرة للحدود، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى إقرار اتفاقية قانون البحار، التي شكلت خطوة كبيرة نحو تحقيق الأمن البحري العالمي.

الشراكة: السبيل لضمان أمن وازدهار المحيط الهندي

حضوركم اليوم يعكس الإيمان بأن الشراكة هي الوسيلة الأنجح للحفاظ على بحارنا.
فالسيادة البحرية وحرية الملاحة والعدالة لا تتحقق من خلال السياسات العدائية أو القوة العسكرية، بل عبر التعاون والانخراط البناء.

من خلال الشراكة، يمكن لدول الجنوب أن تتحدث بصوت واحد، ويمكننا تعزيز الأمن البحري عمليًا، وفهم دوافع الجهات التي تهدد استقرار بحارنا، ومعالجة القضايا من جذورها.

عمان ترى في الجميع شركاء لا خصوم

كما نرى المحيط الهندي جسرًا وليس حاجزًا، فإن عمان تنظر إلى جميع الدول على أنها شركاء، تجمعنا بهم مصالح مشتركة أكثر مما تفرقنا.

تلتزم سلطنة عمان بتعزيز شراكة شاملة في المحيط الهندي، تضمن نصيبًا عادلًا لكل الدول، شمالًا وجنوبًا، في أمن وازدهار هذه المنطقة الحيوية.

نعم، هناك تحديات، وليس الجميع يشاركنا الالتزام بالحوار السلمي، لكن يجب أن نقود بالمثال، وألا ندع تيارات العداء تجرفنا.

الشراكة يجب أن تكون مرساتنا.

دعونا نعمل معًا على تعزيز المنصات متعددة الأطراف التي تدعم التعاون، وبناء القدرات، وتحمل المسؤولية المشتركة.

ختامًا

نحن هنا لأننا نشترك في القيم بقدر ما نختلف في الأساليب.
لقد شكلت المحيطات تاريخنا جميعًا، وربما تفاعلنا معها بطرق مختلفة، لكنها اليوم تمثل مصدرًا مشتركًا للأمن والاستقرار والازدهار.

هذا المؤتمر هو فرصة لتوحيد جهودنا والاستفادة من تنوعنا، بينما نبحر معًا نحو آفاق جديدة من الشراكة ومستقبل أكثر إشراقًا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى