أخبارتقارير و تحقيقات

السيد هاني: الأدلة تفضح إيران.. السلاح النووي حقيقة وليست خيالا

 

في عالم السياسة الدولية، كثيراً ما تختبئ الحقائق خلف حجاب من “الغموض المدروس”، وهو النهج الذي لطالما اتبعته بعض القوى الإقليمية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية دون الاصطدام المباشر بالشرعية الدولية. وفي هذا السياق، يؤكد السيد هاني، نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية، والكاتب المتخصص في الشؤون الدولية وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن إيران تسير على ذات الخطى التي سلكتها إسرائيل سابقاً، حين اتبعت سياسة الإنكار وعدم الإعلان الصريح عن قدراتها النووية، رغم امتلاكها لها. ويرى السيد هاني أن ما تفعله طهران حالياً، يندرج تحت ذات الإطار: “صمت مقصود وراءه مشروع نووي مكتمل الأركان”، تتستر عليه بعباءة دينية في ظاهرها، وسياسية في جوهرها.

ويوضح السيد هاني أن إيران توظف فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي بعدم جواز امتلاك أو استخدام السلاح النووي كستار ديني أخلاقي، بينما تواصل تخصيب اليورانيوم وتطوير أجهزة الطرد المركزي خلف الكواليس. وهي الحيلة نفسها التي استخدمتها باكستان في السبعينيات، بحسب السيد هاني، عندما تجاهلت تحذيرات الولايات المتحدة، وواصلت برنامجها النووي سراً، رغم الضغوط السياسية والعقوبات، بل حتى التهديد المباشر من هنري كيسنجر لذو الفقار علي بوتو، الذي دفع حياته ثمناً لذلك، بعد أن أعدمه وزير دفاعه ضياء الحق.

ويشير السيد هاني إلى أن التاريخ يُعيد نفسه بصيغة إيرانية هذه المرة، حيث أن طهران تمضي بخطى ثابتة نحو التسلح النووي في سرية تامة، مستخدمة أدوات سياسية ودينية لإخفاء هذا التوجه، تماماً كما فعلت بي نظير بوتو حين استأنفت مشروع والدها سراً بعد سنوات من التجميد، لتفاجئ العالم بقدرات نووية كاملة كرد مباشر على التفجيرات النووية الهندية عام 1998. ويستشهد السيد هاني بهذا النموذج ليؤكد أن الصمت الإيراني الحالي لا يعني غياب السلاح النووي، بل يُعد دليلاً إضافياً على قرب امتلاكه، إن لم يكن قد تم بالفعل.

وفي حديثه عن “عباءة الفتوى”، يرى السيد هاني أن إيران تتقن استخدام المرجعيات الدينية في تحقيق أهدافها السياسية، فالفتوى التي تحرّم إنتاج السلاح النووي، يمكن قلبها في لحظة حرجة إلى فتوى مضادة تُجيز استخدامه تحت مسمى “الرد على العدوان”، مستندة إلى النصوص القرآنية مثل “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة” و”من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم”. ووفقاً لتحليل السيد هاني، فإن إيران لا تحتاج لإعلان امتلاكها السلاح النووي، فالإعلان سيكون على أرض المعركة، في لحظة ردع محتملة، تماماً كما ردت باكستان على الهند بخمسة تفجيرات نووية متتالية، في اليوم التالي لتجربة الهند النووية.

ويرى السيد هاني أن ما حدث في أبريل من العام الماضي بين إسرائيل وإيران من تبادل محدود للهجمات، قد يكون مثالاً مبكراً على “ميزان الرعب” القائم بين دولتين تدرك كل منهما ما تملكه الأخرى. ويعتقد أن هذا التنسيق الضمني في ردود الفعل يشير إلى إدراك متبادل للقدرات النووية، حتى وإن لم تُعلن رسمياً، مما يعزز فرضية امتلاك طهران بالفعل لهذا السلاح أو قرب وصولها إلى نقطة اللاعودة في إنتاجه.

وفي عرضه للأدلة التقنية، يستند السيد هاني إلى نص الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، المعروف باتفاق “5+1″، والذي تضمن بنوداً تفتح الباب أمام تطوير برنامج نووي شبه متكامل، رغم تسميته بالسلمي. ويشير السيد هاني إلى أن هذا الاتفاق، الذي وُقع برعاية القوى الكبرى، لم يمنع إيران من الاحتفاظ بجميع منشآتها النووية، وأجهزة الطرد المركزي، ومفاعل آراك للمياه الثقيلة، إضافة إلى السماح لها بتصدير واستيراد المواد النووية. بل إن الاتفاق، كما يوضح، أتاح لطهران التحرك بحرية ضمن هامش واسع، خاصة بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منه عام 2018، وهو ما جعل إيران غير مقيّدة بأي التزام دولي فعلي.

ويؤكد السيد هاني أن الاتفاق كان “مليئاً بالثقوب”، وسمح لإيران بالتحرر التدريجي من أي قيود، ومن ثم المضي قدماً نحو تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز بكثير النطاق المسموح به دولياً. ويشير إلى أن إيران تمتلك حالياً، بحسب تقارير دولية، أكثر من 8 أطنان من اليورانيوم المخصب، وهي كمية كافية لإنتاج رؤوس نووية متعددة، إذا ما أُعيدت معالجتها وتخصيبها بنسبة 90%، وهي النسبة المطلوبة لصناعة القنبلة.

ويختم السيد هاني تحليله بالتأكيد أن امتلاك إيران للسلاح النووي لم يعد سؤالاً، بل أصبح حقيقة مرهونة بتوقيت الإعلان أو الاستخدام. ويشدد على أن من ينتظر اعترافاً إيرانياً رسمياً بذلك، يجهل طبيعة السياسة الإيرانية المبنية على مبدأ “التقية السياسية”، حيث لا يُقال كل شيء، بل يُفعل أولاً ثم يُترك للواقع أن يكشف عن نفسه حين يحين الوقت.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى