حماس تقبل بمقترح ويتكوف “للتفاوض”.. وتشترط ضمانات أميركية لإنهاء الحرب

في تطور جديد على صعيد مفاوضات التهدئة الجارية في قطاع غزة، أعلنت حركة حماس، مساء السبت، أنها لا ترفض المقترح المعدّل الذي قدّمه الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، واعتبرته أساساً مقبولاً للتفاوض، لكنها في الوقت ذاته وصفت موقف المبعوث بـ”غير العادل والمنحاز بالكامل لإسرائيل”، في إشارة إلى ما تعتبره الحركة انعداماً في التوازن في الطرح الأميركي.
تأتي هذه التصريحات بعد قرابة أسبوعين من موافقة حماس المبدئية على مسودة الاتفاق، بحسب ما كشف القيادي في الحركة باسم نعيم، الذي أوضح فجر الأحد، عبر صفحته على “فيسبوك”، أن الموفد الأميركي عاد بمطالب إسرائيلية اعتبرتها الحركة تمثل تراجعاً عن اتفاق 19 يناير، وتتجاهل الضمانات اللازمة لإنهاء دائم للحرب.
ما الذي حمله الرد الإسرائيلي؟
بحسب نعيم، تضمّن الرد الإسرائيلي جملة من الشروط، أبرزها
- وقف إطلاق نار مؤقت لمدة 60 يوماً، دون أي التزامات إسرائيلية بسحب القوات أو مناقشة وقف شامل للحرب.
- إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين خلال الأسبوع الأول من الهدنة، في مقابل إفراج إسرائيل عن دفعات من الأسرى الفلسطينيين، دون تحديد ضمانات واضحة حول الجدول الزمني الكامل.
- دخول المساعدات الإنسانية وفق الخطة الإسرائيلية الحالية، لا كما كان معمولاً به قبل 2 مارس، وهو ما يُعد تراجعاً عن التفاهمات السابقة.
- إعادة التفاوض على خرائط الانسحاب استناداً إلى الواقع العسكري الجديد في قطاع غزة، ما يعني عملياً إضفاء شرعية على التوسع العسكري الإسرائيلي بعد مارس.
- عدم تقديم أي ضمانات لوقف الحرب أو انسحاب القوات في نهاية التفاوض، بل الحديث عن “إعادة انتشار” وترتيبات أمنية طويلة الأمد داخل القطاع.
ماذا جاء في رد حماس؟
ردّ الحركة، الذي سُلّم إلى ويتكوف عبر رجل الأعمال الفلسطيني الأميركي بشارة بحبح، وتزامناً مع إرساله إلى الوسيطين المصري والقطري، تضمّن تعديلًا جوهريًا في تسلسل إطلاق سراح الرهائن الأحياء (10 أشخاص) وجثامين المحتجزين (18 جثة)، بحيث يتم الإفراج عنهم على ست دفعات خلال فترة التهدئة المقترحة البالغة 60 يوماً.
وطالبت حماس بانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل إلى المواقع التي كان يتمركز فيها قبل انهيار التهدئة السابقة في مارس الماضي، كما شددت على ضرورة وجود ضمانات أميركية صريحة بإنهاء الحرب في نهاية المفاوضات، وهو ما اعتبرته الحركة بندًا غير قابل للتجاوز.
الهوّة التفاوضية تتسع
فيما أعلن البيت الأبيض على لسان السكرتيرة الصحافية كارولين ليفيت أن إسرائيل وقّعت على المقترح المعدّل قبل تقديمه لحماس، تشير معطيات المفاوضات إلى أن الفجوة لا تزال واسعة. فالمقترح الأميركي الجديد لا يختلف كثيراً عن سابقه، ويقترح هدنة مدتها 60 يوماً تتضمن تبادلاً للأسرى والرهائن: 10 إسرائيليين أحياء و18 جثة مقابل 125 أسيراً فلسطينياً محكوماً بالمؤبد، و1100 آخرين اعتقلوا بعد 7 أكتوبر 2023، إضافة إلى تسليم جثامين 180 فلسطينياً قُتلوا في المواجهات.
كما ينص المقترح على أن تتولى الولايات المتحدة وقطر ومصر ضمان سير المفاوضات نحو هدنة دائمة، لكن دون التزام كتابي أو تعهّد نهائي بذلك، وهو ما دفع حماس للمطالبة بضمان أميركي واضح يُفضي إلى إعلان رسمي بوقف دائم لإطلاق النار.
وفي تصريح لموقع “أكسيوس”، أفادت مصادر مطلعة بأن مطالب حماس شملت كذلك وقفاً لإطلاق النار لمدة تصل إلى سبع سنوات، وانسحاباً شاملاً من كل المناطق التي أعادت إسرائيل احتلالها بعد مارس، إضافة إلى إلغاء “النموذج الإنساني الجديد” الذي يتم من خلاله توزيع المساعدات عبر “صندوق دعم غزة” (GHF)، والمطالبة بالعودة إلى النموذج القديم بإشراف منظمات الأمم المتحدة.
مسار تفاوضي مأزوم وحرب بلا أفق
منذ نحو 20 شهراً، تتواصل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة دون أفق سياسي واضح، في ظل تعثّر مستمر في المحادثات. وكان آخر تقدم قد تحقق خلال هدنة استمرت 6 أسابيع انتهت منتصف مارس، أعقبتها عودة شرسة للعمليات العسكرية الإسرائيلية. ثم تصاعدت وتيرتها بشكل مكثف في 17 مايو، إذ أعلنت تل أبيب أن هدفها “القضاء على حماس” وتحرير ما تبقى من رهائن.
وفي ظل غياب أي انفراجة سياسية، وبقاء فجوة المطالب بين الطرفين على حالها، يبدو أن الطريق نحو وقف إطلاق نار دائم ما زال شاقاً، إذ تصطدم كل مبادرة بتضارب الضمانات، وانعدام الثقة، واشتراطات متناقضة، ما يبقي سكان غزة عالقين في جحيم حرب لم تنتهِ بعد، حتى على الورق.