الناقد حاتم عبد الهادى السيد يكتب :مابعد الحداثة الكولونيالية”والنظرية العالمية الجديدة”

الناقد حاتم عبد الهادى السيد يكتب :مابعد الحداثة الكولونيالية”والنظرية العالمية الجديدة”
لقد كثر الحديث عن المناهج والمدارس النقدية في العالم، وتعددت المدارس والإتجاهات ، وتنوعت الأشكال والأساليب فمناهج النقد المعاصرة تختلف بالكلية عن المناهج القديمة، ولعل الأدب قد استفاد من تلك المناهج ، ولعب النقد الأدبى دوره في الإستنارة العصرية، وظهرت مناهج كثيرة أفادت المبحث النقدى العالمى، وانعكست آثارها في تناول النص/ القصيدة / وظهر علم النص، وعلم الخطاب الأدبى؛اللذان يوليان النص أهمية جوهرية،الى جانب القارىء، وربما الناقد كذلك،ولعب التأويل دوراً كبيراً في المسألة، ودخل ما هو فلسفى الى ماهو أدبى، وتعددت المناهج والنظريات النقدية الأدبية ، وكثر الحديث عن عالم ما بعد الحداثة فقد تعددت النظريات الخاصة بالنقد الأدبى ، وقد أجملها د. /جميل حمداوي، في كتابه : ” نظريات النقد الأدبى في مرحلة ما بعد الحداثة”، يقول : أما مناهج مابعد الحداثة فهى : التفكيكية؛ سيميائيات التأويل ؛ سيميائية الأهواء؛ النظريات الجنسية، وهى التى تدرس الأدب الإيروتيكى،أو أدب الجسد، أى التى تنصب على النصوص التى تغوص في أغوار الذات الشخصية – كما أحسب- ، وهذا لم يقل به د. جميل حمداوى، بل نلفت النظرإليه أيضاً .
ولقد ظهرت كثير من المناهج الحداثوبة التى اتخذت النظرية أساساً في التعويل للحكم الجمالى على النص الأدبي؛ أو الحكم الفنى كذلك ومنها – بحسب جميل حمداوي – : النظرية النقدية,النظرية المادية,النقد الثقافي,النقد النسوي,نظرية جمالية التلقي,النقد التكويني,النقد البيئي,النقد العرقي,نظرية مابعد الاستعمار,النظرية التداولية,النقد الحواري ,النظرية التناصية, النظرية الإسلامية,المقاربة الميكروسردية,المقاربة الإثنوسينولوجية, المقاربة المتعددة الاختصاصات . وأقول لحمداوى : ليست هذه نظريات بالطبع – أى كلها – فغالبياتها ممارسات تجريبية ولم ترق لكى تكون نظريات يعمل بها؛ حتى وإن تم العمل ببعضها إلا أن الكثير منها لا يخضه للتطبيق؛ وتظل مقولات نظرية في مبحث التفكير لا لاالنقد؛ او العقل الفكرى النقدى كذلك .
ولعل نظريات من مثل : التاريخانية الجديدة؛ الجمالية الجديدة؛ نظريات المؤلف؛ المقاربة الموضوعاتية. لا يمكن لى ان أعتبرها نظريات بالمفهوم المتعارف عليه للنظرية ؛ بل أصفها بأنها تطبيقات بنيوية تخضع لتأويلات ولا يمكن العمل بها كمنهاجية نظرية؛ بل هى أطر ومداخل لتفسير العمل الأدبي ؛ وهى أقرب إلى التفسير الفلسفى والنفسى لا الأدبي؛ إذ هى محسوبة على علوم أخرى كالطب النفسى؛ وعلم الجمال؛ بل وترقى لأن تكون تفكير بالنقد من باب ت\اخل النوعية؛ وهذه ليست مدرسة بل مداخل نقدية لم ترق لأن تكون نظريات في الأدب؛ وإن كانت نظرية المؤلف قد عدت في باب الأدب؛ لكنى أخرجها من هذا الباب وأحيلها ‘لى باب تموضعات النصية في تحليل بنية النصوص؛ فإعتبارية المرلف تكون أكثر تخييلاً ؛ وليست في المتن النصى الذى يمكن أن نحلل بها النصوص؛ حتى على الجانب النفسى كذلك ..
وللإنصاف فإن الشوام،والمغاربة؛والعراقيين،واللبنانيين،؛وكثير من منظرى الأدب،والنقّادة المصريين والعرب والأفارقة ، قد أفسحوا المجال للحديث عن نظرية الأدب، وعلم النص، وعلم الخطاب ، بل لعل موضوع نظرية الأدب؛هو الشغل الكبير الذى استحوذ جهود نقادة القرن التاسع عشر،والقرن العشرين، فيما أحسب؛ ولعل مدرسة فرانكفورت قد ابتنت رؤيتها على المعطى النقدى والتاريخى للتراث العربى كذلك؛ وما اسهامات مدرسة التلقى سوى استنساخ التطبيقات النقدية للعلوم التجريبية عند العرب من جهة؛ وللموروث الثقافى الأوروبى كذلك؛ وتلك – لعمرى – تعادلية بين الغرب وعلوم العرب كذلك؛ ومن بينها علم الخطاب ؛ ونظريات التلقى؛ بل وعلم النص كذلك وما بنى عليه في الواقع الما بعد حداقى كذلك . .
وربما كان لى رأى مغاير في هذا الأمر مفاده : أنه لا يجب أن يعول النقاد على النظريات كل التعويل؛ وإلا أطرنا النقد وأخضعناه للأيديولوجيا بل يجب أن تكون لدى النقاد استراتيجية تعتمد على ابداع الناقد ومدى بلورة تطبيقاته النقدية للنظرية؛ بل يمكن أن أنادى بموت النظرية؛ لا النقد – بالطبع – تجاه النص الأدبي واعتماد جمالية ومعايير الحكم الجمالى على النص الأدبي؛ كى نحرر النصوص من أطر العلوم الأخرى والفلسفات؛ بل ونحرر النقاد من كم النظريات التى أصبحت عائقاً أمام الناقد المبدع – لا الأكاديمى – ومن هنا يجب اسقاط النظرية لصالح النص؛ واعتبارها في المرجعية الذهنية لدى عملية الإشتغال النقدى الجاد ؛ والجمالى أيضاً .
لذا : فأنا أقترح عمل مؤتمر كبير للنقاد في العالم؛ لمحورة نظرية نقدية عالمية – استرشادية – يأخذ بها النقاد فى جميع الدول – مراعين البيئات المتباينة – كنموذج مابعد حداثوى ؛ معيارى؛ ومتباين؛ بدلاً من كم الرؤى والنظريات التى أصبحت عقيمة في ظل العصرنة والأمركة وعالم ماك؛ وحروب النظريات العابرة للقارات؛عبر المد المابعد كولونبالى الجديد .
إذن فإن الحديث عن مابعد الحداثة وقصره في باب نقاد الغرب وأوروبا ؛هو ظلم فادح لكل الجهود السابقة وما قدمه ادوارد سعيد؛ ايهاب حسن وغيرهم هى روافد تصب في عصب النهر النقدى المابعدحداثى الجديد؛ ولا يجب أن نرمى شباكنا النقدية في مرمى النهر الأوروبى الغربى فحسب؛ بل أن شواطىء العرب النقدية قد قدمت الكثير للتنظير لما بعد الحداثة في الأدب ؛ وفى العلوم الأخرى كذلك .