أخبارشئون عالمية

حالة من القلق …طالبان تفرض سيطرتها في أفغانستان

سيطرت حركة طالبان الخميس على هرات غرب أفغانستان، والتي تعدّ ثالث مدن البلاد، فيما يعد محطة رئيسية في هجومها عقب السيطرة على مدينة غزنة الاستراتيجية التي جعلت عناصرها أقرب إلى كابول الواقعة على بعد 150 كيلومتر منها

يأتي هذا في وقت، تستعد الولايات المتحدة لنشر قوات في مطار كابول لتأمين إجلاء قسم من موظفي سفارتها في أفغانستان التي سيتقلص عديدها في ظل تقدّم حركة طالبان، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية الخميس

وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية إنها سترسل 3 آلاف جندي إلى كابول لإجلاء دبلوماسيين امريكيين، كما أكدت لندن نيتها ارسال قوات إلى كابول “للمساعدة في إجلاء البريطانيين”

كذلك، كشف الناطق باسم الوزارة نيد برايس أنّ واشنطن ستسرع في إجلاء المترجمين والمساعدين الأفغان الآخرين للجيش الأمريكي في ضوء احتمال تعرضهم لخطر الانتقام إذا ما استولت طالبان على السلطة

وأضاف “نريد تقليص وجودنا المدني في كابول في ضوء تطور الوضع الأمني”

وقال عن جو بايدن الذي أمر بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد قرابة 20 عاما “هذا الرئيس يعطي الأولوية قبل كل شيء لسلامة وأمن الأميركيين الذين يخدمون في الخارج”

وأشار برايس إلى أن السفارة ستبقى مفتوحة في موقعها الحالي و”ستواصل القيام بمهمات أساسية”، من دون أن ينفي التقارير التي تفيد بإمكان نقلها إلى مطار حامد كرزاي الدولي

وتابع أن الولايات المتحدة ستبدأ تنظيم رحلات يومية لإجلاء مترجمين أفغان وغيرهم من الأشخاص الذين ساعدوا الجيش الأميركي ويخشون على حياتهم بسبب تقدم طالبان.وأفاد مسؤول أمني رفيع المستوى في المدينة أنّ طالبان “استولت على كل شيء”، موضحا أن القوات الأفغانية شرعت في الانسحاب إلى قاعدة عسكرية في بلدة غزارة القريبة، وذلك بهدف “تجنب مزيد من الاضرار في المدينة”. وعصر اليوم، سيطر مقاتلو طالبان على مقر الشرطة الرئيسي، دون مقاومة، ورفعوا رايتهم فوقه

وكتب الناطق باسم طالبان ذبيح الله مجاهد على تويتر “فر العدو… سقطت عشرات الآليات العسكرية والأسلحة والذخيرة في أيدي المجاهدين”

كانت هرات، الواقعة على بعد 150 كيلومترا من الحدود الإيرانية وعاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، محاصرة منذ عدة أسابيع فيما يدور قتال عنيف على أطرافها

وسيطر المتمردون في الأسابيع الأخيرة على ما تبقى من المحافظة تقريبا، بما في ذلك على إسلام قلعة، المركز الحدودي مع إيران، وهو الأهم في أفغانستان

في وقت سابق من النهار، أقرّت الحكومة بخسارتها المدينة، لكنها أكدت أن المعارك ما زالت مستمرة. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية مرويس ستانيكزاي في رسالة إلى وسائل الاعلام عبر تطبيق واتساب “سيطر العدو على غزنة … ثمة معارك ومقاومة” من جانب قوات الأمن

وأعلن ستانيكزاي في وقت لاحق توقيف قوات الأمن لمحافظ الولاية، بعد تداول مقطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه وهو يغادر المدينة بمباركة طالبان. ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق من صحته

وغزنة هي أقرب عاصمة ولاية من كابول يحتلها المتمردون منذ أن شنوا هجومهم في أيار/مايو، مستغلين بدء انسحاب القوات الأجنبية وكان الرئيس أشرف غني يرفض حتى الآن الدعوات إلى تشكيل حكومة مؤقتة غير منتخبة، تضم ممثلين عن طالبان. لكن تغيير موقفه المفاجئ قد يكون متأخراً جداً، باعتبار أن المتمردين لم يبدوا أي إشارة، منذ انطلاق مفاوضات السلام في أيلول/سبتمبر 2020، إزاء استعدادهم للتوصّل إلى تسوية

ولا مؤشرات على تغيير في موقفهم راهناً خصوصاً بعد تقدمهم بوتيرة سريعة في الأيام الأخيرة. ففي أسبوع واحد، سيطروا على عشر من أصل 34 عاصمة ولاية أفغانية، فيما يحاصرون مزار شريف

وتمكن مقاتلو طالبان مساء الثلاثاء من السيطرة على بول الخمري، عاصمة ولاية بغلان، على بعد مائتي كيلومتر من كابول. وصاروا بالتالي يقتربون من العاصمة من جهتي الشمال والجنوب في الوقت ذاته

وتعدّ غزنة، التي سقطت لفترة وجيزة في 2018، أكبر مكسب لطالبان حتى الآن إلى جانب قندوز، الطريق الاستراتيجي إلى شمال شرق البلاد، بين كابول على بعد 300 كيلومتر إلى الجنوب وطاجيكستان

قطع خطوط الإمداد ورغم أنّ طالبان موجودة منذ فترة في ولايتي ورداك ولوغار على بعد عشرات الكيلومترات من كابول، إلا أنّ سقوط غزنة يشكّل إشارة مقلقة للغاية بالنسبة إلى العاصمة

وتعدّ المدينة نقطة مهمة على المحور الرئيسي الذي يربط كابول بقندهار، ثاني أكبر مدن أفغانستان إلى الجنوب. ويسمح الاستيلاء عليها للمتمردين بقطع خطوط إمداد الجيش البرية إلى الجنوب

ومن شأن ذلك أن يضاعف الضغوطات على قوات الجو الأفغانية، إذ يتعيّن عليها قصف مواقع طالبان وإيصال التعزيزات والإمدادات إلى المناطق التي لا يمكن بلوغها براً

ويحاصر متمردو طالبان منذ أشهر قندهار، عاصمة الولاية التي تحمل الاسم ذاته، ولشكركاه عاصمة ولاية هلمند، اللتين تُعدان معقلين تقليديين للحركة. وتدور معارك عنيفة بين طالبان والقوات الأفغانية منذ أيام عدّة

وأعلنت طالبان الأربعاء على تويتر السيطرة على سجن قندهار، الواقع في ضاحية المدينة، بهدف “تحرير مئات السجناء”، على غرار ما يفعلونه في كل مرة يدخلون فيها إلى مدينة جديدة

في لشكركاه، حيث أطلق الجيش الأفغاني في الرابع من الشهر الحالي هجوماً مضاداً لطرد مقاتلي طالبان، أصيب المقر العام للشرطة بأضرار بالغة جراء انفجار سيارة مفخخة مساء الأربعاء، ما أجبر عناصر الشرطة على الانسحاب باتجاه مكاتب المحافظ، بينما استسلم أربعون شرطياً لطالبان، وفق ما أفاد مسؤول محلي وكالة فرانس برس

معاناة إنسانية

وأسفرت المعارك خلال شهر واحد في لشكركاه وقندهار وهرات وقندوز عن مقتل 183 مدنيا على الأقل، بينهم أطفال. ونزح 395 ألف شخص على الأقل منذ مطلع العام جراء العنف، وفق الأمم المتحدة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى