ثقافة و فن

نعيمة عاكف والمسرح والتمثيل العربي ود.عمرو دوارة

نعيمة عاكف والمسرح والتمثيل العربي
ود.عمرو دوارة

حاتم عبدالهادي السيد :

تميزت الفنانة الشاملة والنجمة الاستعراضية / نعيمة عاكف – كما يقول د. عمرو دوارة – بالقوام الممشوق المتناغم بانسجام، والعيون المعبرة الواسعة التي تشع بالحيوية والشقاوة والانطلاق، وخفة الظل والدلال الأنثوي الطبيعي بدون تكلف ولا افتعال، ومهارات التميز في الرقص الشرقي والغربي .
ولقد عرفت نعيمة عاكف باسم «لهاليبو»، وهي من مواليد 7 أكتوبر عام 1929 بمدينة «طنطا» التابعة لمحافظة الغربية، وقد قضت طفولتها وشطر كبير من حياتها في السيرك الذي تمتلكه عائلتها، وهي عائلة «عاكف» أكبر العائلات التي ظلت لسنوات طويلة تقدم ألعاب السيرك وخاصة ألعاب الأكروبات، ولا ينافسها في هذا المجال سوى عائلة «الحلو» التي تميزت عنها ربما في ترويض الوحوش. وكان «سيرك عاكف» الذي تمتلكه عائلتها قد ورثه والدها عن جده إسماعيل عاكف مدرب الجمباز في مدرسة الشرطة، والذي بعدما أغرم بأجواء السيرك وعالم ترويض الوحوش قدم استقالته من الشرطة وقرر التفرغ تماما لممارسة هوايته، ثم ورث كل ابن من ابنائه الموهبة والسيرك عن والده. وكانت فقرات السيرك تضم بالإضافة إلى تقديم ألعاب الأكروبات وترويض الوحوش فقرات لأشهر فرقة في عالم الاستعراض.
ولنا ان نورد مقال د. عمرو دوارة كاملًا عنها – لأنه أفضل من كتب عنها فيما نري – حيث يذكر أن والدها كان حريصا جدا على توظيف موهبة بناته وتلقينهم فنون السيرك والاستعراضات لمشاركته في تقديم فقرات البرنامج اليومي للسيرك. ومما يدعو للدهشة أن محاولاته الأولى مع ابنته نعيمة قد باءت بالفشل حيث لم تبدى اهتماما أو حماسا لتعلم الرقص أو تقديم الاستعراض – وكانت لم تتم عامها الرابع بعد – لكنه أخذ يثير غيرتها من شقيقتها الأكبر التى أظهرت مهارات في التعلم بسرعة واتقان الحركات، وبالفعل نجحت خطته وتعلمت نعيمة وتفوقت على شقيقتها، لتصبح هى نجمة فرقة السيرك. فتألقت منذ طفولتها المبكرة ولفتت الأنظار إلى موهبتها بل وأبهرت الجميع لدرجة أنها صارت البطلة الأولى لفريق السيرك وهى لم تتجاوز بعد الرابعة من عمرها، وذلك بعدما تعلمت الألعاب الاكروباتية والمشي على الحبال والقفز من المرتفعات (الترابيز)، وقد ظلت تعمل في السيرك حتى بلغت الرابعة عشر، ولكن للأسف خسر والدها فجأة كل أمواله بعدما تزوج من راقصة السيرك وأدمن لعب القمار مما دفعه إلى رهن السيرك. فاضطرت أمها إلى الانتقال مع أسرتها (بناتها الثلاث) إلى القاهرة، واستقرت بالإقامة بشقة متواضعة في «شارع محمد علي»، وهو شارع الفن (أو شارع العوالم) كما كانوا يطلقون عليه، وهناك تعلمت الموهوبة نعيمة عاكف أصول فنون الرقص الشعبي (البلدي) والغناء لتتقنهما بنفس جودة اتقانها السابق لفنون الأكروبات والاستعراضات، وتصبح بذلك الفنانة الشاملة.
ونظرا لأن والدتها أشفقت على بناتها وصغر عمرهن أصرت على حمايتهن برفض ابتزاز أصحاب الصالات والكباريهات ومحاولاتهم لاستغلال أنوثة بناتها، فقررت تكوين فرقة صغيرة منهن لتقديم الاستعراضات بالشوارع أو بمسارح «روض الفرج» أو ببعض الأفراح الشعبية نظير بعض القروش القليلة التي توفر لهم لقمة العيش وتكفيهم متطلبات الحياة الضرورية. ولكن سرعان ما ابتسم الحظ لهن وذلك حينما علم الفنان الكبير على الكسار مصادفة بحكاية البنات اللاتى يقدمن الاستعراضات فى الشوارع، فذهب لمشاهدتهن وعندما أعجب بما يقدمونه اتفق معهن على الانضمام لفرقته المسرحية، وبالفعل بدأت «نعيمة» تشق طريقها إلى أول خطوات الاحتراف الحقيقي لعالم الفن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى