المزيدمقالات

حاتم عبدالهادي السيد يكتب :الشعر الوطني المغربي المعاصر طارد  الاحتلال الفرنسى 

حاتم عبدالهادي السيد يكتب :الشعر الوطني المغربي المعاصر طارد  الاحتلال الفرنسى 

يعد الشاعر المغربي الكبيرد.احمد مفدي أحد رواد الطلائع  الذين نادوا بتحرر الشعوب والأوطان؛ وتغليب الحرية لطرد المستعمر الفرنسي – آنذاك – ثم لتحرير المواطن المعربي من جديد؛ ولعل دواوينه وقصائده تمتلئ بصوت الحب للمغرب العربي الكبير .

وفي قصيدته : مَـلَـكُـوتُ الـثـورة نري انتقال الرمز فالقرصان هنا ومرموزه انسحب علي الظلم للحاكم ورجل السلطة والمتغطرس، كما رأيناه يصرح بمغاليق مرموزاته فقد قامت الثورة، لكنها هنا ثورة داخلية، يدعو لها من خلال صوفية عاشق في الوجد، وكأنه يتخفي وراء الدال الصوفي تارة، ووراء الدال الرامز ليحيلنا إلي ما ورائيات المعني، فالثورة هي الثورة بظلمها وظلامها، لكنه يدلل بالرمز وبالوجد والعشق للمرأة ليحيلنا إلي الحبيبة ظاهريا، وإلي عمق المجتمع الإشتراكي الثوري المغاربي، كما رأيناه ينفجر ويتشظي، فلم يعد يحتمل لتنطلق المعاني زاعقة في فضاءات المغرب كلها من طنجة إلي فاس ومن مكناس إلي مراكش ، وهو المغني ينشدها أشعاره وكوامنه، ةيُسمع العالم صيحاته عن الحرية والفجر الجديد، يقول : 

كَـيْـفَ انْـفَـلَـتَـتْ

 شَارَاتُ الثَّوْرَةِ.

مِـنْ مَـلَـكُـوتِ الْأحْزَانِ….!؟ 

بـبَـابِ الـوَجْـدِ / تَشُدُّ الأَهْـوَالُ

حِـبَـالَ الرُّؤْيَـا لِلْخَلْفِ، وَتَـنْـسَـى

أَنَّ الْعَـاشِـقَ

آبَ سَـنِـيًّـا في الفجرِ إِلـَى

بَـيْـتِ الـحُـبِّ وَقَـدْ

كَـانَ يَـعِـيـشُ بِـلاَ أَوْطَـانٍ…. 

والـكَـوْنُ الْمُشْرِقُ  

فِي المَـلَـكُـوتِ يُـصَـلِّـي / يَـنْـمَـاثُ /

يَـدُورُ / يُـسَـبِّـحُ حَـمْـدًا /

يَـحْـلُـمُ بِـالْـمَـعْـشُـوقِ هُـيَـامًـا….

وَيُـحَـثْـحِـثُ مَـا كَـانَ بِـأَيْـدِي الإخوانْ….

تَتَوَهَّجُ أحْلَاَمُ الْقَرْيَةِ رُؤْيَـا….

في خَـاصِـرِ عَـاذِلَـتِـي

كَـي تَـجْـرِفَ أَدْرانَ الأَوْثَـانْ.. . ..

هَـلْ تَـلتمِـعُ الـسٌّـقْـيَـا….!؟

وَالْكَرْمةُ مِـنْ سَـيْـفِ الـفَـارسِ

تَـقْـطُـرُ مِـنْ ثَـمَـراتِـهِ تَـكْـبِـيـرَةُ أَلـوَانْ….

 لِـتَـرَى نبْعَ يَقينٍ ونُـجُـوداً

كَـعَـنَـاقِـيـدِ الـثَّـوْرَةِ صَـارَتْ

أَتْـراحـًا / أوْ أَفْــراحـًا / أَوْ أشْـجَـانْ…. 

 تَمْتَصُّ شَرَايِينَ الـخَـمْـرَةِ

لَـيْـلاً….

( وَيُغَنِّي النَّاسُ صبَـاحًا /

 فِي ليلِ بِلَادِي / الـدَّامِـسْ…

يَتَرَجَّوْنَ سَـراحًا)……

وَثَـكـالَـى الـسَّـوْأَةِ

يَـبْـكِـيـنَ عَـلَـى أسْـمَـالِ الـحَـارِسْ…..

لَـمَّـا هَـجَـمَ الــقُـرْصَـانْ…..!؟.

فالقرصان هنا هو الظالم، المتعطرس، الغدو الطامع الغاصب، والعدو الداخلي المقيم، فالقرصان هو القرصان بحسب المفهوم القديم عنه من سلب ونهب وغدر وسرقة للبسطاء من الشعب، وحكمهم بالعصا والرصاص كذلك .

ولا يكتف الشاعر بالتصريح بل نري جهره بالأمر ومعارضته علي الملأ بعد تعمية الرمز فقد ضاق صدره بصدع بأمر ربه، في قصائده المتتالية : 

رسائلُ منسيةٌ في دائرةِ القهرِ، للثائر الخطابي ، رِسَالَةُ سِرِّيَّةُ إِلَى الْكَتِيبَةِ الْمُرَابِطَةِ فِي الْوَاجِهَةِ، عَفَّـتْ قَافِلَةُ الرِّيفِ ( الـعِـلَّـةَ ) والـمَـعْـلُـولْ….!، ِطَاقَةُ تَعْرِيفٍ، أَوْ رِسَالَةُ الْوَصَايَا السَّبْعْ، لَحْظَةَ الْعُبُورِ فِي قَافِلَةِ الْمَنْفَى،( أَنَوَالٌ ) فِي مُنْعَطَفِ التَّارِيخِ،َوْدَةُ أَيُّوب إِلَى الْمَدِينَةِ الْمَرِيضَةِ .                   

ولعله من المنطقي أن يستدعي رمزية “جيفارا”، ليرمز للحرية المفقودة، والحرية التي تنشدها الثورة من زوال الطغمة واستتباب الأمن وتحقق العدل والكرامة والحرية لكل أفراد الشعب المقهور، قلقد ضاق ذرعاً، وجهر بما يستطيع من قوة ليسمع العالم صياح ثورته المتمردة الثاثرة ، يقول :

الـحُـزْنُ تَـمَـادَى وَالدَّمُ يَـجْـرِي…

يَتَدَفَّقُ مِـنْ بَـيْـنِ شَـرَايِـيـنِ الـوَطَـنِ…..

بِالْجُرْحِ الْفَائِرِ فِي الْقَدَمِ

لِيُعَانِـقَ كَالـنَّارِ، الْمُهَجَ المهروقَـةَ فِي الْأَوْحَالْ….. 

بِالرَّفْضِ وَمَا 

فِي هَذَا( الْقَلَمِ ) المأسورِ بِـبَـابِ الْأحْزَانْ…. 

أَتَحَدَّى، أَقْـهَـرُ مَا فِي الْعَالَمِ مِنْ أَكْفَانْ 

أَرْفُـضُ أَنْ أَبْقَى جَسَدًا مَنْفُوشًا، تُعْوِزُهُ الْأَشْوَاقْ….

يَمْشِي مَهْمُومـًا لَا يَـخْفِقُ بِالدَّمْ

مَصْلُوبَ الْمِعْصَمِ كَالـظِّلِّ عَلَى الْجُدْرَانْ….  

يَـا صَـاحِـبَـتِـي : الـشَّـعْـبُ أَمِ الأَوْثَـانْ……!؟

فَـأَنَا لَوْ يضعونَ الرَّسَنَ الْمَسْنُونَ عَلَى قَدَمِي

وَالزَّاجَ( الْمَدَرْدَرَ) فِي الأعْـتابْ….

لَا بُـدَّ غَـدًا أنْ أَمْضِيَ مَلْهُوفًا لِلْوَطَرِ.. 

يا وطني….

 كَيْ أَسْكُبَ مَا عَتَّـقْـتُ زَمَـانَ صِـبَاِيَ مِنَ الْأَلْحَانِ….

 فِي وَطَنِي….

قَـدْ جِـئْـتُ أُعَانِقُ فِي الْفَجْرِ الضَّاحِكِ

 نَشْوَةَ إِيحَاءِ الْقَمَرِ….

ويتابع الشاعر الجهر والرفض بكل قوة ن فلم يعد يرهبه أي شئ ، ولا تخيفه قوة الظلم، فقوة الايمان والارادة أكثر قوة وصلابة من بطش السلطان والنفي والتشريد والسجن، يقول :

لَوْ يَحْـثُـونَ الرَّمْلَةَ فِي الْحَدَقَـهْ 

كَيْ أَعْمَى فِي لَيْلِ الْقُرْصَانِ

( فَيَمُـرُّونَ) أمَامِي فِي عَرَبَاتِ النَّهْبِ 

فَأَنَا أُبْصِرُ فِي اللَّيْلِ 

وَأَزْرَعُ فِيهِ الإعْـصارْ…. 

حَتَّى لَوْ قُـصَّ جَنَاحِي….

أَتَحَدَّى….

 وَأَدِبُّ عَلَى قَدَمِي

لأُحَـطِّـمَ مَـا بَـقِـيَ الآنَ مِـنَ الأَوْثَـانْ…..

 حَتَّى أَتَعَمَّدَ فِي وَطَـنِـي

يَا آخِرَ لَـحْـنٍ رَجَّـعَـهُ إِصْرَارُ الـحَـزَنِ…. 

والديوان ينطلق من زاوية خاصة، عبر تغريبة نشدها، وترميزات تغياها، ولغة خاصة يتناولها بمرأى جديد، ومن زاوية خاصة، ولعل سيميائية وسحر اللغة لا تجعل أحداً يشك في تصوفه، لكنها لغة الثورة التي أعلن عنها في النهاية، فبدأها بالرياح، وأنهاها بالثورة والهتاف.

وفي النهاية : نحن أمام شاعر ثائر، مهموم بالوطن طوال الوقت، يماهينا ويخاتلنا بعروجه نحو الحبيبة تارة، وتصوفه تارة، لكنه تصوف العاشق للوطن، عبر محبوبة هي الحرية، التي ينشدها طوال الوقت. فقد ألغز مرموزاته في البداية، وصدح بها في النهاية، وكأنه يعرض للمراحل التي مر بها المغرب العربي من ظلم ورهبوت، وانتظار وصبر، ثم لما ضاقت الدنيا أتت الرياح بما لا نشتهي السفن فكانت ثورة في النور، أو هو ينشد ثورة الذات، بعد أن كانت داخل الروح والقلب والوجدان لتخرج ونصيح معه عبر الفجر الجديد، وهواء الحرية الجميل . 

يظل الشاعر / أحمد مفدي شاعر المغرب الكبير، باعث الوطنية ، وصوت الثوار، وقائد التنوير بالشعر ليقود الشعب إلي مسيرة التحرر، ولقد كانت الكلمة سلاحه والشعر مدفعه، فانتصر الشعر علي الظلم، واقتلعت رياح الثورة قصور الظلام والرهبوت، وتربعت الحرية عرش المغرب العربي الكبير، ومملكته الرائدة الممتدة عبر شواطئ الأطلس الساحر، المهيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى