ابراهيم العمدة يكتب .. فاتورة اندفاعات جمال عبدالرحيم

هناك فارق كبير بين الحماس والاندفاع، والهوة بينهما شاسعة، فالأول شيء محمود ومطلوب، أما الثاني فمضر ويورط صاحبه في أشياء يندم عليها لاحقًا.
للأسف الاندفاع هو ما فعله جمال عبدالرحيم، سكرتير عام نقابة الصحفيين، ورئيس اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الصحفيين في الجمعية العمومية التي جرت يوم 2 مايو الجاري، في 4 عبدالخالق ثروت.
في خضم العرس الديمقراطي لنقابة الصحفيين وخلال قراءة قرارات وتوصيات الجمعية العمومية، وبعد خلافات نقابية سابقة قبل انعقاد الجمعية العمومية، تلى جمال عبدالرحيم على الجمعية العمومية الحاضرة بمسرح النقابة قرارًا لاستصداره ينص على منع قبول التعليم المفتوح في عضوية النقابة لغير الحاصلين على ثانوية عامة وثانوية أزهرية.
والحقيقة أن استصدار مثل هذا القرار إنما جاء تحت فعل الاندفاع من جمال عبدالرحيم، كأنه أراد به أشخاص محددين، والحقيقة وبعيدًا عن احترام الجمعية العمومية ذاتها فمبلغ الغضب هنا أن يورط جمال عبدالرحيم نقابة الرأي والحريات في خطأ قانوني سيتم اعتباره كأن لم يكن في أي وقت باعتباره لا سند قانوني له.
وهنا يكون جمال عبدالرحيم قد قلل من شأن الجمعية العمومية بأن جعلها تتأثر باندفاعه وبما قد يكون خلافات شخصية لاستصدار قرار بلا سند من القانون، فهل يُدرك جمال عبدالرحيم أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يصدر قانون بالمنع، فما المانع القانوني لقيد التعليم المفتوح الذي تعترف به الدولة وهو نظام معمول به في الجامعات المصرية التاريخية والعريقة وعلى رأسها جامعات القاهرة وعين شمس وحلوان.
يبدو أيضًا أن جمال عبدالرحيم يريد أن يدعو من باب خلفي لتعديل قانون النقابة الذي لدى غالبية الجمعية العموية لنقابة الصحفيين تخوفات من تعديله، إذ أن قانون النقابة نص ضمن شروط الحصول على العضوية الحصول على مؤهل عالي، فهل التعليم المفتوح ليس مؤهلًا عاليًا؟
أما أن جمال عبدالرحيم يريد أن يورط النقابة في ورطة عدم الاعتراف بشهادة رسمية من الدولة، أو يريد أن يجعل صوت النقابة خافتًا، إذ يمكن بأي دعوة قضائية جعل هذا القرار كأن لم يكن باعتباره لا سند له في القانون.
الأزمة أن جمال عبدالرحيم في استصدار هذا القرار باندفاع شخصي هو خطأ في الأساس في حق الجمعية العمومية المعروفة طوال تاريخها بالرزانة وعدم الاندفاع، وكان دومًا لدى الجمعيات العمومية لنقابة الصحفيين مرجعيات نقابية تناقش وتفند وفق القانون واللائحة ولم يدخل يومًا فيها الهوى الشخصي.
بصفة جمال عبدالرحيم المشرف على الانتخابات كان ينبغي قبل استصدار قرار مثل هذا أن يشرح ملابسات إقرار الدولة للتعليم المفتوح ولماذا كان إقراره واقتراحه من الأساس، أما الاستناد على قرار مجتزئ من نقابة المحامين فلا يمكن أن يكون سندًا قانونيًا.
وهناك سؤال مُلح أيضًا لماذا اشترط الحاصلين على ثانوية عامة وأزهرية، لماذا لم يغلق الباب بتاتًا باعتباره أنه لديه مشاكل مع التعليم المفتوح، لماذا ترك باب الاستثناء مفتوحًا؟
وفي هذا فقد ورط النقابة أيضًا بأن استصدر قرارًا انتقائيًا واستعلائيًا دون سند من القانون، وهناك أمر آخر وهو إذا كان من يقصدهم جمال عبدالرحيم بهذا القرار كمعركة شخصية كانوا من الحاصلين على ثانوية عامة فهل سيقدم اقتراحًا للجمعية العمومية القادمة لمنع حتى الحاصلين على التعليم المفتوح بالثانوية العامة والأزهرية.
وكلمة الاقتراح هنا مقصودة فلن يكون جمال عبدالرحيم رئيسًا للجنة الانتخابات المقبلة بحكم القانون، إذ سيكون مرشحًا وليس له حتى حق الحديث في الجمعية العمومية، وبالتالي هي فرصة عظيمة لعدم توريط نقابة الصحفيين مرة أخرى في قرارات اندفاعية.
بكل تأكيد يعلم جمال عبدالرحيم أن هناك اثنين من أعضاء مجلس النقابة من الحاصلين على تعليم مفتوح وحصلا به على عضوية النقابة، فهل سألهما قبل الاندفاع خلال أحداث الجمعية العمومية حتى ولو من باب عدم إحراجهما.
رابطة التعليم المفتوح وممثلها القانوني ردا ردًا مؤصلًا على جمال عبدالرحيم، بأن قرار منع قيد خريجي التعليم المفتوح هو انتهاك صارخ لأبسط حقوق الإنسان متعهدين باتخاذ الإجراءات القانونية ضده، باعتبار أن الأمر تجاوز مسألة مخالفة القانون إلى الاعتداء على مبادئ العدالة والمساواة المنصوص عليها في الدستور، كما أنه يقر تمييزًا بالمخالفة لكل الأعراف القانونية والدستورية في العالم.
وللحديث بقية.