الكاتب حاتم عبدالهادي السيد يكتب : الرواية الإفريقية في مجاهل إفريقيا
الكاتب حاتم عبدالهادي السيد يكتب : الرواية الإفريقية في مجاهل إفريقيا
تعدّ الكتابات التي نشرت في إنجلترا، والتي كتبها أفارقة من أوائل ما كتبه الأفارقة بالإنكليزية ؛ومن ذلك رواية «الإفريقي» (1789) التي تحكي حياة ألودا أكيانو أو گوستاف فاشا ومغامراته، وهي أول سجل كتبه إفريقي عن وطنه الأصلي. وفي القرن التاسع عشر، ومع انتشار المدارس التبشيرية، نشر بعض الأفارقة أعمالهم بالإنكليزية في موطنهم الأصلي ومنهم صموئيل أدجاي كروثر وأفريكانو هورتون وإدوارد بليدن.
وفي مطلع القرن العشرين كتب وزير العقائد الغاني الثائر كارل كريستيان رايندروف Carl Christian Reindorf «تاريخ ساحل الذهب وأشانتي» (1911) وأفاد فيها من التراث الإفريقي الشفوي. كما كتب في السنة نفسها جوزيف كاسلي هايفورد Joseph E.Casely- Hayford «إثيوبية غير المقيدة»، وهي مزيج من القصة والسيرة الذاتية، وبشر فيها بظهور حركة الزنوجة ..
وكان من نتائج الحركة الأدبية التي نشطت في باريس منذ الثلاثينات أن صدرت في نيجيرية مجلة «بلاك أورفيوس» Black Orpheus التي عنيت بنشر أعمال الكتاب الأفارقة المكتوبة بالفرنسية مترجمة إلى الإنكليزية، وفي مطلع الستينات برزت في نيجيرية حركة معارضة لأسلوب سنگور المغالي في المثالية، وأصبحت الأحوال مواتية للتخلي عن نهج الكتاب الأفارقة الذين يكتبون بالفرنسية، وكان ووله سوينكا Wole Soyinka في طليعة الدعاة إلى هذا الاتجاه، فازداد نتاج الأدباء الأفارقة بالإنكليزية، ونشرت عدة روايات ودواوين شعرية تتناول المشكلات الناجمة من اضطراب الأوضاع السياسية بعد الاستقلال، وتنتقد الأوضاع السائدة في المستعمرات الإنكليزية القديمة، وتنبه على خطر المبشرين الأوربيين.
ومن أبرز كتاب هذه المرحلة: الروائي النيجيري چينوا آچبه، وتعد رواية «الأشياء تسقط منفصلة» (1958) من أفضل أعماله، وألكس لاگوما من جنوب إفريقية، وتعكس أعماله القصصية روح النضال ضد التفرقة العنصرية، والشاعر الأوغندي أوكوت بيتيك الذي خصص معظم قصائده الطويلة لانتقاد الواقع السياسي في بلاده بعد الاستقلال، والشاعر الغاني كايبر منسا الذي حاز جائزة المارغريت الأدبية (1970)، وغيرهم كثير من الكتاب والأدباء الذين يكتبون بالإنكليزية. ويضاف إلى هؤلاء مجموعة أخرى كبيرة من الأدباء الأفارقة الزنوج الذين وطنوا أمريكة أو استوطنوها ويعد أدبهم في عداد الأدب الأمريكي لدى معظم الدارسين.
الأدب الإفريقي المكتوب بالبرتغالية
مازال معظم النتاج الأدبي المكتوب بالبرتغالية بعيداً عن التناول، فلم يشتهر منه سوى أعمال قليلة، وكان الكتاب الأفارقة في البرتغال قد أسسوا عام 1948 تجمعاً أدبياً وبدا هؤلاء الكتاب متأثرين بأسلوب سنغور في مؤلفات ماريو ده أندراد Mário de Andrade الذي يعِّرف الشعر الإفريقي المكتوب بالبرتغالية في كتابه «مختارات من الشعر الزنجي بالبرتغالية» (1958) وأنطونيو جاسينتو وأوگوستينو نتو Agustino Neto وكذلك القصائد التي نظمها شعراء موزامبيق والرأس الأخضر وساو تومه. كما برز في ميدان القصة كل من خوسيه كرافيرينا Jose Craveirinaha ولورنزو مركيز ماپوتو Lourenco Marques Maputo ولويس برناردو هونوانا Luis Bernando Honwana.
وعلى العموم فإن مجمل النتاج الأدبي الإفريقي يُظهر أن جل الكتاب الأفارقة المعاصرين واقعون تحت تأثير تيارين قويين، يتمثل أولهما في محاولة تعميق الارتباط بجذورهم، والثاني في خلق لغة خاصة تتصف بالشمولية والعالمية في آن واحد كما يتبدى في أعمال جان بليا وفيليكس كوشورو وفرانسي بيبي ورونيه فيلومبي، وقد أشار الكاتب الكونغولي دونگالا إلى هذه الخصائص فذكر أن الأدب الإفريقي في إبان الاستعمار اتصف بالشمولية في مستوى القارة، ثم بدأت تتضح بعد الاستقلال الصفات النوعية المميزة لكل بلد أو مجموعة عرقية، بيد أن القاسم المشترك بين مختلف أدباء القارة إنما يتجلى في انشغال الأدباء الأفارقة بالتصدي للمشكلات الكثيرة التي تواجه هذه الدول الفتية، وتطبع آدابها بطابعها الجميل .