الدكتور أحمد ضياء الدين محافظ المنيا الأسبق يكتب :الاحتفال، والاحتفاء

الدكتور أحمد ضياء الدين محافظ المنيا الأسبق يكتب :الاحتفال، والاحتفاء
يأتى احتفال محافظة المنيا بيومها الوطنى، والمؤرخ فى 18 مارس من كل عام معاصرا لاحتفائها بأول زيارة للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، والتى تمت وقائعها يوم 2 مارس الجارى، والتى جسدت قدر اهتمام القيادة السياسية بالمحافظة، ليست باعتبارها عروسا للصعيد، بل وباعتبارها منارة التنمية الواجبة فى كافة محافظات الوجه القبلى. تلك المحافظات التى أدركت القيادة السياسية الواعية والوطنية مدى ما تمثله كل منها من علامة بارزة، ونقطة فارقة، وخطوة شاهدة، على ما يتحقق على أرض الواقع من تغيير فى البنية، وتطوير فى الرؤية، وإنجاز فى الغايات والأهداف. ويعد يوم 18 مارس يوما خالدا لأبناء محافظة المنيا ، حيث شارك أبناء محافظة المنيا البواسل في ثورة 1919 بقيادة الزعيم الراحل سعد زغلول ، و قدم أهالي المحافظة وخاصة مركزي ديرمواس وملوي أرواحهم فداءا لعزة الوطن، وكرامة أبنائه.
أصبح ذلك اليوم، منذ حدوث وقائعه، عيدا تحتفل فيه المنيا سنويا بعيدها القومى، وحقيقة يومها الوطنى، والذى وثق فى يوم 18/مارس من كل عام . وتفصيل ذلك أن فى هذا اليوم تصدى شعب المنيا بفئاته المختلفة، وطوائفه المتعددة لقوى الشر والاستعمار والاحتلال , وذلك ابان اندلاع احداث ثورة 1919 م , والتى اعلن فيها الشعب المصرى باسره وقوفه فى وجه الاحتلال الانجليزى الغاشم . ولقد بدأت معارك شعب المنيا العظيم فى تصديه لتلك القوى الغاشمة من مركز دير مواس , والذى وقف كله وقفة رجل واحد امام قطار الاحتلال المغرور حال قدومه من محافظة اسيوط مرورا بمحافظة المنيا , متباهيا بغطرسته , مغرورا باسلحته , متعاليا بوهمه , ليتصدى له على الفور مواطنى دير مواس بكبريائهم , ووطنيتهم , وغيرتهم , ليلقنوا العدو الانجليزى درسا لم ينساه حتى تاريخه , ومصدرين فى الوقت ذاته تلك الحالة الوطنية لباقى مراكز المحافظة , ليسطروا فى التاريخ درسا مازال بصفحاته الوطنية الناصعة , يتفاخر بها , ويتباهى بمضمونها , ويكابر بصلابتها . الامر الذى جعل من ذلك اليوم عيدا قوميا لمحافظة المنيا تحتفل فيه من كل عام بتلك الاحداث التى جعلت من المحافظة باسرها منبرا للوطنية , ومنارة للتضحية , ونبعا للعطاء ورمزا للرجولة، وشعارا للفداء.
وتبرز زيارة رئيس الجمهورية التى تعاصرت مع قرب احتفال المحافظة بيومها الوطنى، عدة طموحات يقينا سطرتها القيادة السياسية فى أجندة تنميتها الحتمية لمحافظات الصعيد. وتتجسد تلك الطموحات فى عدة مشروعات عملاقة، كان قد بدء فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لانتقال خططها من نطاق التفكير، وحيز الإعداد، وإطار التخطيط، ومجال الجدوى، إلى نطاق الشروع، والبدء، والتنفيذ الفعلى لتلك المشروعات باعتبارها قد أصبحت حتمية الإنجاز، وضرورية التنفيذ. وتتمثل أهم تلك الطموحات العملاقة فى عدة مشروعات يكمن أهمها فيما يلى:
أولا: ملاءمة إعادة رسم خارطة محافظة المنيا من ناحية الشرق بالذات، لتمكينها من الإطلال على الساحل الغربى للبحر الأحمر، وخاصة فى منطقة رأس غارب. وذلك بإعطائها مساحة على ذلك الساحل تقدر كحد أدنى بخمسة كيلو مترات، وذلك لاستخدامها فى إنشاء مصنع متكامل لتجميد، وتصنيع، وتعليب، وتغليف الحصاد السمكى من نتاج الصيد الذى يتم من خلال تنفيذ ذلك المشروع، والذى تتمثل أهم خطواته فيما يلى:
– التعاقد مع وزارة الإنتاج الحربى لتصنيع ألف مركب صيد مجهز، يصلح للعمل فى المياه الإقليمية وما يجاورها من نطاقات أخرى من المياه، وذلك لتسهيل مهمة كل مركب منها فى القيام برحلة صيد ذات مقومات علمية، وتقنية، قادرة على حسن التعامل مع مكونات الثروة السمكية الهائلة الكامنة فى مياه البحر الأحمر.
– تشغيل ما لا يقل عن مائة فرد من أبناء المنيا، للعمل بتلك الطاقة على كل مركب من ذلك الأسطول، فى نوبات مناسبة، لتنفيذ خطة ذلك المشروع فى اصطياد ما يتاح لها من منتجات بحرية، يتم خلال المدة المحددة لدورة الاصطياد بالتوجه بعدها إلى مقر المشروع الذى أنشئ على ساحل البحر كأحد إنجازات محافظة المنيا
– إنشاء مواقع فى ذلك المشروع للتنظيف، والتبريد، والتجميد، والتصنيع، والحفظ، لما تحققه تلك الرحلة من خلال معداتها المائة، وذلك لإتاحة الفرصة لإمكان الاستفادة من منتجات ذلك المشروع فى الاستهلاك المحلى لمراكز المحافظة، ولغيرها من المحافظات المجاورة، وكذلك وضع الخطة اللازمة لإمكان تصدير الفائض منها للدول الإفريقية المجاورة، والضرورى، لتعظيم قدر العائد من ذلك المشروع، والانتقال به من مجرد كونه مشروعا محليا ليصبح مشروعا إقليميا.
– توفير الميزانية الخاصة للإنفاق منها على ذلك المشروع من خلال استثمارات للقطاع الخاص، ومشاركته لصندوق التنمية بالمحافظة، وكذلك طرح قدر من أسهمه لمواطنى المنيا، وصولا فى النهاية إلى توفير الموارد المالية اللازمة للبدء فورا فى تنفيذ ذلك المشروع.
ثانيا: ملاءمة التنسيق الواعى، والوطنى، الهادف إلى إمكان الاستفادة من مطار المنيا العسكرى، إلى مطار للطيران المدنى، وذلك بحسن توظيف إمكانات، وإمكانيات المطار العسكرى، فى بدء تشغيل مطار مدنى يحقق عائدات ذات قيمة اقتصادية حقيقية خاصة فى مجال الارتقاء بصناعة السياحة التى تتوافر كافة مقوماتها فى المحافظة بالدرجة التى تجعلها تحتل المرتبة الثالثة بين محافظات القطر ذات الطبيعة الآثارية الهائلة، خاصة ما يتعلق منها بالسياحة الدينية فى ظل تعظيم مشروع الرحلة المقدسة، والتى اتخذت مصرنا الخالدة خطوات حقيقية ملموسة فى سبيل تدشين ذلك المشروع العملاق.
ثالثا: البدء فى وقفة موضوعية مسئولة لإعادة صيانة مقومات المحافظة التى سبق إنجازها إبان تولينا شرف المسئولية، والتى اتخذت عدة إجراءات لطمسها، أو إهدارها، أو إهمالها، خاصة عقب أحداث 25 يناير2011، والتى اتخذت آنذاك عدة مؤامرات فى إطار تلك المحاولة الخائنة التى استهدفت خطف الوطن من ناحية، وطمس هويته من ناحية أخرى.
– وياتى فى مقدمة تلك المقومات البدء فى صيانة وتشغيل الشاشات العملاقة المحققة للتواصل الحقيقى بين الحكومة المركزية فى القاهرة، وبين مواطنى المحافظة، وبشكل يحقق التواصل الفعلى فيما يجب الإلمام به، والتعرف عليه، والمشاركة فيه. خاصة فى ظل ذلك التسارع الزمنى لمشروعات وخطوات هائلة للوصول إلى مصرنا الحديثة.
– وتحتل العبارات العملاقة المرتبة الثانية بين تلك المقومات، والتى شوهتها تآمرات الإهمال، بالرغم مما حققته تلك العبارات من نقلة إنسانية، وخطوة حضارية، فى سبيل تيسير انتقال المواطنين طيلة ساعات الليل والنهار بين جانبى نهر النيل العظيم بطريقة آمنة، وبوسيلة قادرة. ولا يقدح فى ذلك إطلاقا أو يقلل من قيمة تلك العبارات، ما تحقق على أرض الواقع من معابر طرقية مشرفة سواء ما تمثل منها فى محور بنى مزار، وسمالوط، وملوى، وغيرها مما قد يعد مخططا لتنفيذه فى المستقبل.
– إحداث التطوير اللازم والضرورى، والحتمى، لمركز المؤتمرات العملاق الواقع فى مدخل مدينة المنيا الجديدة، بما يحويه من منشآت، وقاعات، ومخطط كامل لإقامة منتجع سياحى عملاق فى البقعة المكانية العملاقة المطلة على نهر النيل، وما يحيط به من زراعات، ووديان، وطرق، وجبال. ويهدف ذلك المنتجع حين استكمال منشآته بالاعتماد على موارد صندوق المحافظة الذاتية، لإحداث النقلة الاستثمارية الواجبة لتلك الموارد، وحسن توظيفها فى استقدام المزيد من الأفواج السياحية العاشقة لتلك البيئة الصحية والمشمسة الهائلة. ويضاف إلى ذلك كله ما يحققه ذلك المؤتمر حال الارتقاء بمنشآته إلى المساهمة فى إنشاء كورنيش علوى لمحافظة المنيا ينتهى مساره حتى مدخل المحافظة من ناحية كمين الصفا.
– تنفيذ المراحل التالية لمشروع إنتاج الفطيرة المدرسية الهائل، لمضاعفة قدر إنجازه اليومى من خمسمائة ألف فطيرة مدرسية ذات قيمة غذائية عالية، والوصول بها إلى ما لا يقل عن 2 مليون فطيرة مدرسية بذات المواصفات والقيمة تخصص فى جملتها لتوزيعها على مدارس المرحلة الابتدائية الأولى فى كافة قرى مراكز المحافظة. ويهدف ذلك المشروع إلى مواجهة كل أسباب التسرب من مدارس تلك المرحلة، وذلك بسبب ما تفرضه موجبات توفير تلك الوجبة الصباحية للأسر الأولى بالرعاية فى تلك القرى من تكلفة مالية متزايدة، وبشكل يحتم على غالبيتها اختيار عدم توجيه الأبناء والبنات إلى مدارسهم الصباحية، بل وتوجيههم إلى الأعمال الحرفية القادرة على زيادة قدر موارد الأسرة من ناحية، والحيلولة دون انضغاطها لتوفير أبسط العناصر اللازمة لتلك الوجبة اليومية.
– اتخاذ الإجراءات الحقيقية الفاعلة، واللازمة، والقادرة على مضاعفة كميات الخبز الآلى المنتجة من قبل فى المخبز الآلى الأول السابق الانتهاء من إنشائه، وبدء تشغيله بالمحافظة، وذلك باعتبار أن ذلك المشروع يمثل فى حقيقته نقلة حضارية وإنسانية لازمة لإحلال ذلك المنتج من الخبز كبديل للخبز البلدى، أو العادى، والمنتج فى جملته بمعرفة سلسلة من المخابز البلدية المخالفة فى جملتها لاشتراطات الإنشاء، والتشغيل، والإنتاج، والتموين.
– وجوب التنسيق مع كافة الأجهزة المعنية للبدء فى تشغيل رحلات السياحة النهرية، والتى تبدأ أولى خطواتها من مدينة القاهرة، مرورا بكافة محافظات الصعيد حتى المقاصد السياحية فى الفيوم، والمنيا، والأقصر، وأسوان، وغيرها من باقى المقاصد الأخرى، باعتبار أن تلك الرحلات تمثل تطلعا سياحيا مرغوبا من قبل الأفواج المختلفة لما يتوافر لتلك الرحلات من مطلات، ورؤى، ومشاهد، تتوق إليها فئات تلك الأفواج باعتبارها تمثل خارطة لا تتحقق لهم مرائيها فى شتى بلدانهم.
تلك أهم الطموحات، وغيرها من طموحات أخرى عدة، يتعين دوما تبنيها فى احتفال المحافظة كل عام بعيدها الوطنى، حتى يمكن أن يتحقق فى تلك المناسبة ما يتعين إبرازه من مشاعر وطنية تعد عنصرا أساسيا فى بناء الشخصية المصرية الوطنية من ناحية، وفى قدرة ذلك الاحتفال فى الوقت ذاته على تحقيق المزيد من العائدات المادية الملموسة، والقادرة على النهوض بمستوى معيشة المواطن خاصة الأولى بالرعاية. وذلك كله فى إطار تلك المشروعات القومية العملاقة التى تبذل القيادة السياسية جهدا رائعا متناميا، ومشهودا، للوصول بمصرنا الخالدة إلى مصاف الدول العملاقة والمتقدمة، وحتى يتحقق الانتقال الواجب من دائرة اللافتات والشعارات، إلى نطاق المشروعات والإنجازات