إبراهيم العمدة يكتب: رئيس بنك مصر.. حق المستثمر السعودي لازم يرجع

إبراهيم العمدة يكتب: رئيس بنك مصر.. حق المستثمر السعودي لازم يرجع
بذلت الدولة المصرية جهودًا مُكثفة من أجل إرساء قواعد محفزة للاستثمار ولجذب المستثمرين، لكن الطامة الكبرى أن هناك مسئولين يضيعون ذلك هباءً منثورًا بفعل قراراتهم العشوائية.
بداية أؤكد أننا لا نُنكر الأزمة الاقتصادية بتداعياتها المختلفة من أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وبالتالي فإن الأزمة عالمية، لكن في الوقت ذاته نؤكد أن القيادة السياسية أحسنت التعامل مع الأزمة، بما يجعلنا قبلة استثمارية، وفي الوقت ذاته لا يكون التاثير شديدًا على المواطن.
الأزمة التي نحن بصددها هنا هي أزمة مسئول يرتجل في قراراته، ما يضر أولًا بالمستثمرين ويعطي انطباعًا سيئًا عن مناخ الاستثمار في مصر، وهي الدولة التي أشاد كبار الاقتصاديين العالميين بقدرتها على الثبات، وتخفيف حدة ثورتين هما يناير 2011 ويونيو 2013.
عانت مصر من بعض الاضطرابات في سوق الصرف، لكن كنا دومًا قادرين على العبور بالسفينة، لكن هناك مسئول، وتحديدًا في بنك مصر، يرتجل بقرارات تعطي انطباعًا سيئًا عن الاقتصاد المصري.
الأزمة ملخصها أن هناك مستثمرًا عربيًا لديه أموال في بنك مصر، ويريد تحويلها للخارج، لكنه فوجئ برفض من البنك، في تعامل يؤكد أننا نصنع البيروقراطية بأنفسنا وعن عمد.
من حق المستثمر أن يحصل على أمواله التي حصلها بسبل شرعية أن يحوّلها إلى المكان الذي أراد وليس هناك ما يمنع ذلك.
تسويف إدارة البنك استمر على مدار 8 أشهر دون رادع، ولم يجد هذا المستثمر أي استجابة من إدارة البنك التي لديها إصرار بلا مُبرر على موقفها الخاطئ.
هذا المستثمر عربي وعروبي، أي أنه ينتمي لبلد عربي، وفي الوقت ذاته يؤمن بمصر جدًا وبمكانتها العربية، لكن لماذا نضعه في اختبار صعب جدًا.
الاختبار صعب لأن هذا المستثمر فقد الكثير من قيمة أمواله، فرصيده بالبنوك تتراجع قيمته مع كل انخفاض للعملة، فمن يعوض هذا المستثمر عن ما خسر في السابق، وعن خسائره التي تتفاقم مع كل تراجع في قيمة العملة، خاصة أن الأموال أمواله.
كل ما طلبه المستثمر هو تحويل أمواله من فرع البنك في القاهرة إلى بنك آخر في بلاده، لكن طلبه قوبل بالرفض دون مبرر قانوني.
ما يحدث مع هذا المستثمر الآن، هو أسلوب قاتل للاستثمار وبمثابة تطفيش للمستثمرين، مع العلم أن هذا المستثمر يتعامل في القنوات الشرعية لهذه المعاملات، ولم يتطرق يومًا إلى فوارق العملة بالسوق السوداء، لأنه يعرف مصر وقيمتها ويحترمها جدًا.
حتى لا يُقال أننا لا نتحدث بأقوال فقط، فإننا لدينا المستندات الدالة على ما نقول، ولدينا الرسالة التي أرسلها المستثمر لرئيس البنك يستغيث به من جبروت موظفيه، لكن لم يختلف موقف المرؤوسين عن رئيس البنك، فكلهم يبدو أن قراراتهم ارتجالية وليست بناءً على منظومة.
الغريب أيضًا وليس له تفسير هو أن البنك طوال عام ونصف العام تقريبًا، رفض تحويل الأموال للخارج، وأيضًا لم يعط المستثمر فوائد على أمواله، وكأن هناك إصرار على الموقف الخاطئ.
هذا المستثمر أكد لنا صدمته من هذا التصرف، وأنه كان يتوقع أنه مجرد خطأ موظف، لكن كان موقف رئيس مجلس إدارة البنك أكثر سوءًا باعتباره موقع المسئولية الذي يشغله.
الغريب أن هذا المستثمر اشترى شهادات في مصر، وحينما طالب بتحويل الأموال قوبل طلبه بالرفض.
الأزمة أن الرفض، كان بسذاجة تنم عن عدم معرفة، وعن عدم دراية بحساسية الموقف، إذ أن الرد كان أن هناك عجزًا في تدبير المبلغ، ولولا أن هذا المستثمر يعرف قيمة مصر لملأ الدنيا حديثًا حول حقيقة ما حدث معه، لكنه فضل الصمت طارقًا كل الأبواب، وحينما التقيناه وافق على عرض الشكوى على مضض، مشددًا على عدم التجريح، وضرورة التأكيد على علاقته الجيدة جدًا بمصر وأهلها وحكومتها.
تخيل أن بنك مصر بجلالة قدره عاجز عن توفير مليون وربع المليون ريال سعودي، فمجرد هذا العنوان كفيل أن يوصل رسالة سلبية عن الاستثمار وأحواله في مصر.
هناك أزمة أيضًا أن رئيس بنك مصر حينما رفض تدبير المبلغ، تسبب في تكبيد البنك خسائر جديدة، بسبب ما سيتحمله البنك من فارق في سعر الريال، أليست هذه الخسائر السبب فيها رئيس البنك وقراراته العشوائية والارتجالية؟
الأمر حاليًا في يد محافظ البنك المركزي، ونخاف أشد الخوف من تفاقم المشكلة، والآن حل المشكلة هو إنقاذ لسمعة مصر من عشوائية القرارات.
الخوف كل الخوف أن يحدث تغير جديد في سعر الصرف، ووقتها ستكون الخسائر مثل القنبلة التي انفجرت وتتفاعل مع الهواء ويستمر انفجارها إلى الأبد.
الآن لا تزال الأمور في أيدينا، وقال أجدادنا قديمًا ما يُحل باليد لا تنتظر أن تكون مضطرًا أن تحله بأسنانك.
وللحديث بقية