تقارير و تحقيقاتمحافظات

الحلقة الأولى.. البيه البواب وصل طنطا…فتوة تحت العمارة

الحلقة الأولى.. البيه البواب وصل طنطا
فتوة تحت العمارة

رحلة «عبد السميع» البواب والسايس والسمسار و«الشبيح» من المهندسين إلى طنطا

حكايات تنشر لأول مرة عن جرائم «حارس العمارة».. وأسرار البيزنس «الشمال» أسفل بيوت ولاد الناس

رجل أمي أو يكاد يفك الخط بصعوبة، يحمل فوق رأسه «قفة» وفي يديه يسحب قطيعا من الأطفال تبدو وجوههم منهكة من أثار السفر والفقر ومن خلفه امرأة متشحة بالسواد يلف جسدها ملاءة سوداء.. يحط رب الأسرة رحاله أمام عمارة سكنية فخمة يهرع إليه البواب المقيم عليها ويستقبله بحرارة ثم يشير إلى عمارة أخرى في نهاية الشارع والتي سينصب القادم الفقير عليها بوابا لتبدأ من هنا رحلة «البيه البواب» قبل أن يصبح «السايس البواب» ثم البواب السمسار» مرورا بـ «الثري البواب» ثم مرحلة «الكبير البواب».. وصولا للمرحلة الأخيرة «البلطجي البواب»..

والحقيقة ليس هذا من باب التجني على تلك الفئة لكن الأمر صار حقيقة صارخة يعاني منها سكان العديد من المناطق وسيل الشكاوي من جبروت وبلطجة وقلة ذوق البيه البواب وأحيانا جرائم البواب صارت محاضر بأقسام الشرطة.

نرصد في حلقات ملف البيه البواب.. الكثير من الوقائع بمناطق مختلفة من المدن تثبت أن فئة من البوابين صارت «فتوات» ولها مناطق نفوذ وسيطرة وفرض سيطرة.

«أتقدم بشكواى هذه لسيادتكم بعد أن نما لعلمنا بأن محافظة الجيزة تحاول تحجيم ظاهرة وبلطجية الشوارع لفرض اتاوات لركن السيارات بالشارع العام والله تعبنا انهكنا استغلالهم خصوصا أننا نعمل فى هذه المنطقة وهو شارع شهاب وشارع عدن بمنطقة المهندسين حيث يقوم بعض البوابين بوضع حجارة من رصف الشارع الجديد وحجز أماكن لعدم ركن السيارات بها لفرض اتاوات لرفع هذه الحجارة وتمكيننا من ركن السيارة لنواصل عملنا بهذه المنطقة، فنرجو منكم الرحمة من بلطجة بوابين جهلة وتحكمهم فينا.. العنوان شارع عدن متفرع من شارع شهاب المهندسين بجوار مول بلاتنيوم والجهة المقابلة أيضا المؤدى إلى مستشفى الصفا.. منى محمد مصطفى رزق».

كان هذا نص رسالة بعثت بها موظفة محترمة تشكو بعضا من مظاهر بلطجة البوابين وفي الحقيقة أن كلماتها يقطر منها مزيج الحسرة والألم والقهر إن جاز التعبير على أفعال بعض بوابي العمارات التي فاقت الحدود.

– العدوى تصل طنطا

من المهندسين بمحافظة الجيزة إلى طنطا السيد البدوي بمحافظة الغربية لم يختلف مشهد «البلطجي بيه البواب»، إذ صارت ظاهرة «البوابين الفتوات» أكثر ظهورا، وأعلى صوتا وأقوى بجاحة.. فلا شيء يردعهم.

رحلة صعود البيه البواب
والقصة لها نفس البدايات.. الرجل الريفي القادم من قرى فقيرة ليستقر بالبندر ثم يتولى مسئولية حراسة عمارة ما وحماية السكان من كل خطر والحفاظ على ممتلكاتهم.. يبدأ في الاجتهاد بعمله حتى ينال عطف وحب سكان العمارة فيغدقون عليه مالا ولحوما في الأعياد ومساعدات عينية وإن لزم الأمر إنهاء أي مشكلة له مع أي جهة بواسطة مكالمة من سكان العمارة الواصلين.. يتغير الأمر رويدا رويدا بعدما يعرف البواب طرق الكسب الأخرى فيبدأ باحتلال مساحة بشارع العمارة ليحولها جراجا خاصا به ومن يريد ان يركن يدفع.. ثم تبدأ المرحلة الثانية في الدخول في عالم السمسرة في جلسات السهر مع أصدقائه البوابين بالمنطقة فيصير الفرد عصبة والقلة والجماعة والأسرة مستعمرة.

الحلقة الأولى.. البيه البواب وصل طنطا
الحلقة الأولى.. البيه البواب وصل طنطا

مستعمرات خطرة

مع مرور الوقت ينتبه سكان العمارة والعمارات المجاورة أن ثمة تغير سكاني كبير بالمنطقة، وسمعت أذانهم لأول مرة ألفاظا خارجة كانت من المحرمات في المناطق الراقية والمتوسطة، ثم عرف الشجار والألفاظ السوقية وتهديد الممتلكات وترويع السكان طريقه للمربعات السكنية، ليتبين أنها خناقة بوابين بسبب الصراع على مناطق النفوذ في الشارع أو في اصطياد زبون لشقة جديدة وغيرها من الأسباب.

بلطجة في شوارع طنطا

في الحقيقة قبل فتح هذا الملف الشائك والخطير، كانت الحاجة إلى تقويم السلوك في الشارع المصري والتعرف على الأسباب التي جعلت الناس أكثر عنفا وجهلا وأقل صبرا، قبل أن ترد الرسائل التي تئن من شكاوي الأهالي والسكان في المناطق الهادئة في المدن، ومن بينها شوارع مدينة طنطا الجميلة التي كانت مضرب المثل في الهدوء والانضباط والاحترام قبل أن يكثر فيها حراس العمارات والسايس والسمسار والذي ما يستقر في المكان حتى يرسل في طلب المزيد من عائلته الكبيرة فتتحول النواصي واستراحات العمارات إلى مجالس للضحك العالي والنكات التي لا تخلو من الالفاظ الإباحية والسلوك الخليع لتتسلل تلك الثقافة على مهل لكل المربعات السكنية وتصير ظاهرة قبل أن تصبح كارثة مألوفة.

«مفيش مكان أنا هعملك إيه يعني إذا كان عاجبك» ما سبق كان رد أحد البوابين على سيدة محترمة في خمسينات العمر حينما اعترضت على عدم وجود مكان لسيارتها أمام العمارة التي تسكن فيها وبعد أن نما لعلمها أن حارس العمارة يؤجر المكان بالساعة للسيارات الغريبة، وحينما أرادت مواجهته خشيت من بذاءة لسانه وكيف «يجعر» بصوته دون خجل ويشوح بيديه في بجاحة منقطعة النظير.. لم تصدق الموظفة المحترمة أن هذا هو عبد السميع اسم افتراضي الذي قدم منذ أقل من سنتين .. لم تعرف ما الذي حدث له ولما ظهرت له أنياب مع مرور الوقت .. وتذكرت كيف كان مهذبا مطيعا غض البصر.. هادي الصوت.. حلو الطباع.. وكيف تحول لهذا الكائن «البجح» قليل الأدب والذوق والذي لا يراعي طفلا ولا مسنا.

في الحلقات القادمة سوف ننشر تفاصيل وحكايات لن تصدق عن بلطجة البيه البواب في شوارع طنطا، وطرق كسب المال الحرام والمتاجرة في الممنوع واللحم الرخيص كما وردت من الأهالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى