أستاذ شريعة بالأزهر يوضح حكم من أفطر في رمضان بغير عذر

كتبت: رانيا سمير
يبقى صيام شهر رمضان أحد أبرز الفروض التي يجب على المسلمين الالتزام بها. وقد أفاض العلماء في تفسير أحكام الصيام، خاصة في حالات الفطر غير المشروع. وفي هذا السياق، تناول الأستاذ الدكتور عطية لاشين، أستاذ الشريعة وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، حكم من أفطر في نهار رمضان بغير عذر، مستندًا إلى النصوص الشرعية وما تقتضيه الفتاوى المعاصرة.
من المعلوم أن الصيام في رمضان فرض على المسلم البالغ العاقل الصحيح المقيم، سواء كان ذكراً أو أنثى، بشرط أن تكون المرأة طاهرة من دم الحيض والنفاس. وهذه الأحكام ثابتة بالنصوص الشرعية من القرآن والسنة، حتى صار هذا الفرض جزءًا أساسيًا من حياة المسلمين، لا شك فيه ولا خلاف عليه. قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: 185].
ولكن، ومن منطلق التيسير الذي جاءت به الشريعة الإسلامية، رُخص لبعض الفئات التي يسبب لها الصيام مشقة شديدة، كالمريض والمسافر. وقد أوضح الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم هذه الاستثناءات بقوله: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185]. بالإضافة إلى الحامل والمرضع اللتين يُسمح لهما بالفطر إذا كان في الصيام خطر عليهما أو على الجنين أو الرضيع.
لكن إذا أفطر المسلم في نهار رمضان دون وجود عذر شرعي، فإن ذلك يعد انتهاكًا لحرمة الشهر الفضيل. وقد أكد الدكتور عطية لاشين أن هذا الفعل يتطلب التوبة النصوح، التي تشمل الندم على ما فعل، والإصرار على عدم العودة إلى هذا الفعل. كما يجب على المسلم الذي أفطر بغير عذر قضاء ذلك اليوم، وهو أمر متفق عليه بين جميع العلماء.
وفيما يخص الكفارة، فقد أشار الدكتور لاشين إلى أن الكفارة تكون واجبة في حالات معينة، لا سيما إذا كان الإفطار نتيجة فعل متعمد كالجماع. أما إذا كان الفطر بسبب غير ذلك، فقد اختلف العلماء حول وجوب الكفارة، لكن الرأي الراجح هو أن الكفارة تُستحب للحفاظ على قدسية الشهر.
وقد بيّن الدكتور لاشين الكفارة التي ينبغي أن تؤدى إذا أفطر المسلم عمداً. أولاً، كان يجب عليه عتق رقبة مؤمنة، وهو أمر غير متاح في عصرنا الحالي. وإذا لم يستطع، فإن عليه صيام شهرين متتابعين. وإن تعذر عليه ذلك، فيجب عليه إطعام ستين مسكيناً. هذه الكفارة مرتبطة بمواقف ثابتة في السنة النبوية، ومنها حديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: “هلكتُ”، فما كان من النبي إلا أن سأل الأعرابي إن كان يستطيع عتق رقبة، ثم إذا لم يستطع، سأل عن قدرته على صيام شهرين متتابعين، وفي حال تعذر ذلك، قال له: “فإطعام ستين مسكيناً”. وهذه القاعدة وردت في الحديث الصحيح.
أكد الدكتور عطية لاشين أن من أفطر في رمضان عمدًا بغير عذر شرعي، عليه أن يبادر بالقضاء فورًا. أما الكفارة، فهي واجبة في حالات الجماع أثناء الصيام، والأحوط إخراجها في الحالات الأخرى، وذلك تعظيمًا لشهر رمضان وحفاظًا على حرمته، وهو ما يعتبر واجبا على كل مسلم.