خبير اقتصادي يحلل تداعيات التصعيد التجاري بين الولايات المتحدة وكندا والصين على الأسواق العالمية

كتبت: رانيا سمير
في ظل تصاعد حدة النزاع التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية وكل من الصين وكندا والمكسيك، شهد الاقتصاد العالمي تداعيات متزايدة. أدت إلى تحولات ملحوظة في حركة التجارة الدولية وأثرت بشكل غير مسبوق على سلاسل التوريد والنمو الاقتصادي العالمي. وفي هذا السياق، تحدث الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية. عن أبرز الآثار السلبية التي قد تنجم عن هذا التصعيد. مشيرا إلى أن التصعيد الأخير في الحرب التجارية سيكون له تأثيرات واسعة النطاق ستطال الاقتصادات الكبرى والأسواق الناشئة على حد سواء.
وأشار غراب إلى أنه في ظل فرض الصين رسومًا جمركية إضافية بنسبة 15% على بعض السلع الأمريكية، وإدراج 10 شركات أمريكية ضمن قائمة الكيانات غير الموثوقة، فضلاً عن قرار الرئيس الكندي بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات أمريكية بقيمة 155 مليار دولار كندي. إلى جانب الخطط المكسيكية لفرض رسوم على السلع الأمريكية. فإن هذا التصعيد يعكس اشتعال الحرب التجارية بين الدول الكبرى. وذكر أن ذلك سيؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي وتهديد استقرار سلاسل التوريد. مما يخلق بيئة من عدم اليقين الاقتصادي ويزيد من تعقيدات الاقتصاد العالمي.
وأضاف غراب أن فرض الرسوم الجمركية على السلع القادمة من كندا والمكسيك والصين سيؤدي إلى رفع تكاليف استيراد المواد الوسيطة والسلع الخام إلى الولايات المتحدة، مما يزيد من تكلفة الإنتاج ويؤثر سلبا على الشركات الأمريكية، خصوصًا تلك التي تعتمد على واردات الصلب والمواد الخام المستوردة. وأشار إلى دراسة صادرة عن معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، التي أظهرت أن الزيادة في تكاليف الإنتاج ستكون أكثر تأثيرا على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تفتقر إلى الموارد المالية الكافية لتحمل هذه الأعباء. وأوضح أن هذه الزيادة في تكاليف السلع ستؤدي إلى رفع أسعار المنتجات. مما يرهق الأسر الأمريكية، حيث قدرت الدراسة أن الأسرة الأمريكية المتوسطة ستدفع نحو 2600 دولار إضافي سنويًا نتيجة لهذه السياسات.
وفي تحليله لتداعيات الحرب التجارية على سوق العمل، نوه غراب إلى أن السياسة التجارية للولايات المتحدة، والتي تعتمد على فرض الرسوم الجمركية، تؤدي إلى تقليص مبيعات الشركات الأمريكية في أسواق كبرى مثل الصين. مما يسبب خسائر ضخمة لتلك الشركات بسبب تراجع المبيعات. وأكد أن هذا الوضع يساهم في فقدان العديد من الوظائف في القطاعات التي تعتمد على التجارة الدولية. وذكر أن الفيدرالي الأمريكي أشار إلى أن هذه السياسات الجمركية قد تؤدي إلى انخفاض في التوظيف الصناعي بنسبة 1.4% نتيجة لزيادة تكاليف الإنتاج.
وأوضح غراب أن تأثيرات هذه الحرب التجارية لن تقتصر على الأسواق الأمريكية. بل ستنتقل سريعا إلى الأسواق العالمية والدول النامية. مما سيتسبب في اضطراب سلاسل التوريد وتباطؤ النمو الاقتصادي في العديد من الدول. كما أن هذه السياسات ستضعف حركة التجارة العالمية. وستؤثر على الاستثمارات في الأسواق الناشئة التي قد تجد نفسها في مواجهة تحديات كبيرة نتيجة لزيادة تكاليف التصدير وضعف عملاتها المحلية مقارنة بالدولار الأمريكي.
من جهة أخرى، أشار غراب إلى أن التصعيد المستمر في الحرب التجارية قد يدفع بعض الدول الكبرى مثل الصين إلى البحث عن أسواق جديدة لتصدير منتجاتها. ما قد يؤدي إلى انخفاض أسعار المنتجات الصينية في الدول الناشئة. وأضاف أن هذه السياسات يمكن أن تساهم في تحول كبير في خريطة الاقتصاد العالمي. حيث قد يتجه المستثمرون نحو الأصول الآمنة مثل الدولار الأمريكي وسندات الخزانة. مما يؤدي إلى رفع قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى ويزيد من الضغط على الأسواق الناشئة.
أما على صعيد تأثير الحرب التجارية على الدولار الأمريكي. أشار غراب إلى أن سياسات ترامب قد تؤدي إلى تحول في الديناميكيات الاقتصادية العالمية. بما في ذلك تعزيز حركة التفكير في دول تجمع بريكس لتطوير عملة بديلة للدولار في التبادل التجاري بينها. وأوضح أن استمرار هذه السياسات قد يضعف استقرار الدولار كعملة احتياطية. مما يسرع من عملية إزالة الدولار من التداولات العالمية. خاصة مع تزايد الضغوط على الدول الأوروبية والحليفة الأخرى لأمريكا.
كما أكد غراب أن استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى قد يهدد الاستقرار المالي العالمي. حيث إن آثار هذه السياسات ستؤدي إلى تباطؤ نمو التجارة العالمية، وزيادة معدلات التضخم، وتقليص حركة الاستثمارات، ما يضع ضغوطًا كبيرة على اقتصادات العالم بشكل عام.