يوم الشهيد: تكريم شهداء مصر الأبطال وإحياء لذكرى الفداء والتضحية

في التاسع من مارس من كل عام، تحتفل مصر بذكرى عظيمة تحمل بين طياتها مشاعر من الفخر والاعتزاز. إنه يوم الشهيد، الذي يخلد ذكرى استشهاد الفريق أول عبدالمنعم رياض في عام 1969، والذي وقف شامخا في ميادين القتال، مجسدا روح التضحية والفداء.
في اليوم الثاني من حرب الاستنزاف، كان الفريق رياض على جبهة القتال، يتابع عن كثب نتائج المعركة السابقة، ليكون بين جنوده في وقت كان فيه العدو يسعى لتقويض عزيمة القوات المسلحة المصرية. أثناء تفقده للخطوط الأمامية شمال الإسماعيلية، أصيب الفريق رياض إصابة قاتلة بنيران العدو، ليظل جثمانه شاهدًا على العزيمة والإصرار، حيث توفي أثناء نقله إلى المستشفى.
شهدت مصر وداعا شعبيا عظيما لجثمان هذا البطل، الذي جسد النموذج الأسمى في التضحية من أجل الوطن، وكانت جنازته مناسبة لتجديد العهد بالوفاء للشهداء الأبطال. “أنا من كل بيت مصري”، هذا الشعار الذي أطلقته القوات المسلحة في الذكرى الـ53 لاستشهاد الفريق عبد المنعم رياض، يعكس الإيمان العميق الذي يجمع بين كل المصريين في تقديرهم لأبطالهم الذين ضحوا بأرواحهم ليحيا الوطن.
الشهادة تظل رمزًا للفداء، فمصر ليست فقط وطنًا جغرافيًا، بل هي كيان حافل بالروح التي تحدت الزمن، وتجاوزت المحن. فالتاريخ المصري مليء بمواقف الأبطال الذين قدموا حياتهم فداءً لهذا الوطن، بدءًا من مقاومة الهكسوس والتتار والمغول، وصولًا إلى فترات الاحتلال الفرنسي والإنجليزي، مرورا بحرب 48 دفاعًا عن فلسطين، والعدوان الثلاثي على بورسعيد، ووصولًا إلى حرب أكتوبر المجيدة.
وفيما يحتفل المصريون بيوم الشهيد هذا العام، تتجدد الذكريات لشهداء حرب الإرهاب، الذين ضحوا بأرواحهم من ضباط وجنود ومدنيين. إن القوات المسلحة تواصل الإحتفاء بتضحياتهم، مشيدة بعزمهم وإصرارهم على حماية هذا الوطن، الذي يظل الحصن الذي تحتشد قلوب المصريين جميعًا من أجل الدفاع عنه.
النصب التذكاري
في إطار تكريم الشهداء، أطلقت مصر نصبًا تذكاريًا يجسد ذكرى الشهداء، ويحفظ الفداء والتضحية عبر الأجيال. هذا النصب الذي تم تصميمه ليشبه الهرم ويقع على مساحة 10 آلاف متر مربع، يعكس عظمة الجيش المصري ووفاءه لأبطاله. يتكون النصب من أربعة أضلاع تحمل أسماء الشهداء في مختلف الحروب التي خاضتها مصر، ويضم رفاة جندي مجهول ليكون رمزًا لمن فقد حياته دفاعًا عن الوطن.
النصب لا يقتصر على كونه مكانًا تذكاريًا، بل هو أيضًا مركز يتجمع حوله المصريون في مناسبات مختلفة، يأتون من كافة أنحاء البلاد لقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، ويظل هذا النصب وجهة رئيسية للوفود الأجنبية الزائرة، التي تأتي لتكريم شهداء مصر والتعرف على تاريخ هذه الأمة العظيمة.
ويظل النصب التذكاري بمثابة شهادة حية على روح التضحية التي يظل الجندي المصري يحييها، منذ الطفولة وحتى آخر لحظة في عمره، متغنيًا بحب وطنه، متعهدًا بأن حياته فداء لها.