السيسي وتميم يتفقان على خارطة طريق مشتركة لأمن المنطقة وإعادة إعمار غزة

في محطة جديدة من مسار دبلوماسي نشط يعكس توجهات مصر نحو تعزيز علاقاتها الإقليمية، أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارة رسمية إلى العاصمة القطرية الدوحة يومي 13 و14 أبريل 2025، حيث استقبله الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، في لقاء وصفه الجانبان بأنه اتسم بروح الأخوة والتفاهم العميق، وشكّل مناسبة لتعزيز أواصر التعاون بين القاهرة والدوحة على مختلف المستويات.
الزيارة، التي تأتي في إطار التنسيق والتشاور المتواصل بين البلدين، شهدت مباحثات موسعة تناولت سبل دفع العلاقات الثنائية نحو آفاق جديدة، خصوصًا في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتنمية المستدامة، إلى جانب تبادل الرؤى حول أهم الملفات الساخنة على الساحة الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والأزمة المتفاقمة في السودان، إضافة إلى الجهود الدبلوماسية الجارية بين طهران وواشنطن.
وبحسب البيان المشترك الصادر في ختام الزيارة، أكد الطرفان التزامهما الراسخ بتعميق الشراكة الاقتصادية، حيث تم التوافق على إطلاق حزمة استثمارات قطرية مباشرة في مصر بقيمة 7.5 مليار دولار خلال المرحلة المقبلة، في خطوة من شأنها تعزيز المناخ الاستثماري بين البلدين ودعم مسار التنمية الاقتصادية المستدامة، بما يحقق مصالح الشعبين ويدعم التوجهات الاستراتيجية لكلا الدولتين.
القضية الفلسطينية كانت حاضرة بقوة في المباحثات، حيث جدّد الرئيس السيسي والشيخ تميم التأكيد على مركزيتها كأولوية عربية، مشددَين على دعمهما الكامل للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولة مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وأكد الطرفان ضرورة الإسراع في إعادة إعمار قطاع غزة، ودعيا إلى تنظيم مؤتمر دولي تستضيفه القاهرة، بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لتنسيق الجهود الإنسانية والتنموية بما يضمن تحسين الظروف المعيشية في القطاع.
وأعرب الجانبان عن بالغ القلق إزاء استمرار التصعيد العسكري في غزة، مؤكدين أهمية التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، والعمل على تخفيف المعاناة اليومية عن الفلسطينيين في ظل الظروف الكارثية التي يشهدها القطاع.
الملف السوداني كان حاضرًا في المشاورات، حيث أعرب الطرفان عن قلقهما العميق من استمرار النزاع المسلح، ودعَوا إلى وقف فوري للعمليات العسكرية والعودة إلى مسار الحوار الوطني الشامل، بما يضمن وحدة السودان واستقراره، وينهي المعاناة الإنسانية المتفاقمة التي يواجهها الشعب السوداني.
وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني والمفاوضات غير المباشرة الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، رحب الجانبان باستمرار تلك المحادثات، وأكدا دعمهما لأي مساعٍ سلمية تهدف إلى خفض التوتر في المنطقة، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي. كما أثنيا على الدور المحوري الذي تلعبه سلطنة عمان في هذا السياق، مؤكدين أهمية تفعيل المبادرات الإقليمية والدولية الساعية إلى التهدئة، وفي مقدمتها جهود الوساطة التي تقودها مصر وقطر بالشراكة مع واشنطن، بهدف الوصول إلى وقف شامل للحرب في غزة، ورفض كل المحاولات التي تسعى لتعطيل مسارات الحل السياسي أو استهداف الوسطاء.
زيارة الرئيس السيسي إلى قطر تأتي في توقيت بالغ الحساسية إقليميًا، ما يضفي عليها بُعدًا استراتيجيًا يتجاوز العلاقات الثنائية، ويؤكد مجددًا أن التنسيق المصري-القطري بات يشكل ركيزة أساسية في معالجة أزمات المنطقة، من خلال مواقف متوازنة وشراكات فاعلة تهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في العالم العربي.