أخبار

عباس شراقي يكشف هل تسبب سد النهضة في غرق أراضى طرح النيل

 

غرق بعض أراضى طرح النيل في عدد من المناطق مؤخراً أثار تساؤلات عدة حول الأسباب الكامنة وراء هذا الظاهرة، خاصة في ضوء التغيرات المائية التي تشهدها البلاد في الفترة الأخيرة. الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، قدم تفسيرًا علميًا معمقًا حول هذا الموضوع، موضحًا التفاصيل المتعلقة بإدارة المياه والتأثيرات المناخية على نهر النيل. في هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز ما تناوله الدكتور شراقي حول هذا الموضوع، وكيفية تأثير هذه الظواهر على الأمن المائي والزراعي في مصر.

التفسير العلمي لظاهرة غرق أراضى طرح النيل

أوضح الدكتور عباس شراقي أن الأراضى التي غرقت في مناطق مثل المنوفية وبعض المناطق الأخرى هي من أراضى “طرح النهر”، أي تلك التي تقع على جوانب نهر النيل أو في جزر لا تصلها عادةً المياه في مستوياتها المعتادة. وفي غالب الأحيان، تمنح وزارة الرى للمزارعين حق استئجار هذه الأراضي على الرغم من علمهم بأن مياه النيل قد ترتفع في أي وقت، وهو ما قد يؤدي إلى غمر هذه الأراضي.

وتابع شراقي أن هذه الظاهرة تعد أمرًا طبيعيًا يحدث في بعض السنوات التي تشهد زيادة في معدلات الأمطار، مما يؤدي إلى امتلاء بحيرة السد العالي. في حالة استمرار الفيضان، يتم فتح مفيض توشكى وأحيانًا بعض بوابات السد العالي لزيادة التصريف، وهو ما يسبب ارتفاع منسوب النيل، وبالتالي غرق بعض أراضى طرح النهر. وأكد شراقي أن هذه الظاهرة تحدث عادةً في شهري سبتمبر أو أكتوبر من كل عام، أي في فصل الفيضان، ولكن تكرارها ليس بالحدث السنوي.

التحليل الحالي للوضع المائي

وأشار الدكتور شراقي إلى أن وزارة الرى كانت قد أخطرت المحافظات الواقعة على نهر النيل في 2 أكتوبر 2024 بإمكانية غمر بعض أراضى طرح النهر، وهو أمر متوقع في هذا التوقيت. ولكن الوضع المائي الحالي في شهر أبريل لا يشير إلى زيادة التدفق من بحيرة ناصر بالشكل الذي حدث في الأيام الأخيرة. إذ أن منسوب بحيرة ناصر في أقل مستوياته خلال هذه الفترة من السنة، وهي المرحلة الأخيرة من السنة المائية التي تنتهي في يوليو، حيث يبدأ بعدها استقبال المياه الجديدة.

كما أوضح أن توربينات سد النهضة الإثيوبي لا تعمل حاليًا، وأن التصريف منه في أدنى مستوياته، حيث يقدر بحوالي 12 مليون متر مكعب يوميًا، وهو ما يساهم في تخفيف الضغط على النيل.

التأثيرات الزراعية والموسمية

أضاف شراقي أن غرق الأراضي في هذه الفترة الزمنية يتزامن مع نهاية الموسم الزراعي الشتوي، حيث يبدأ المزارعون في حصاد المحاصيل، وعلى رأسها القمح. كما أن الموسم الصيفي لم يبدأ بعد، وهو موسم زراعة الأرز الذي يعتبر من المحاصيل الشرهة للمياه. لذلك، فإن ارتفاع منسوب المياه في هذه الفترة ليس مرتبطًا بتغيرات موسمية أو زيادة في الإيرادات المائية، بل هو مرتبط بشكل أساسي بتقلبات المناخ.

وشدد شراقي على أن التغيرات الهيدرولوجية في نهر النيل تتطلب مئات، بل آلاف السنين لتتضح بشكل كامل. كما أشار إلى أن التذبذب في إيراد النيل هو ظاهرة تاريخية، حيث كانت هناك فترات تعرف بـ “السبع السمان” و”السبع العجاف”، إضافة إلى سنوات الجفاف التي مرت بين عامي 1981 و1987.

غموض التفاهمات بين دول حوض النيل

من جانب آخر، أشار الدكتور شراقي إلى غياب التنسيق بين مصر والسودان مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، وهو ما يتسبب في حالة من الغموض والارتباك في التخطيط للسياسة المائية والزراعية في مصر. وأوضح أن عدم الاتفاق حول آلية تشغيل السد النهضة يزيد من التحديات التي تواجه مصر والسودان في إدارة الموارد المائية، خصوصًا فيما يتعلق بالسدود السودانية الأصغر حجمًا مقارنةً بالسد العالي.

وفيما يخص الفترة المقبلة، أشار شراقي إلى أنه من المتوقع أن تشهد الأسابيع القادمة فتح بوابات المفيض العلوى أو السفلى في سد النهضة، خاصةً إذا استمر تعثر تشغيل التوربينات بكفاءة. هذا التوقع يزيد من درجة القلق بشأن تأثير ذلك على حصص المياه لدول المصب.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى