بعد تصريحاته عن الميراث.. دعاة الأزهر يردون على سعد الدين الهلالي: “فريضة لا تقبل التأويل”

أثار تصريح حديث أدلى به أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الدكتور سعد الدين الهلالي، موجة واسعة من الغضب والجدل في الأوساط الدينية والأكاديمية، وذلك بعدما تحدث عن إمكانية المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وهو ما اعتبره عدد من علماء الدين “تعديًا صريحًا على النصوص القرآنية وأحكام الشريعة الإسلامية”. الهلالي أشار في تصريحاته إلى أن المساواة في الميراث ليست محرمة بنص قرآني صريح، مضيفًا أن الأمر يمكن النظر فيه إذا ما تساوت درجة القرابة، مستشهدًا بتجارب قانونية لبعض الدول مثل تركيا، بالإضافة إلى نظام المعاشات المعمول به في مصر، والذي لا يميز بين الجنسين في توزيع المستحقات.
التصريح لم يمر مرور الكرام، فقد قوبل بردود فعل غاضبة من داخل المؤسسة الدينية، حيث اعتبره البعض خرقًا لثوابت الشريعة ومساسًا بالأحكام القطعية التي لا تقبل الاجتهاد أو التأويل. الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، شن هجومًا لاذعًا على الهلالي، مؤكدًا أن أحكام الميراث وردت في القرآن الكريم بصيغة قطعية لا تقبل الاجتهاد أو التعديل، واصفًا أي محاولات لإعادة تفسيرها بأنها “عبث لا يجوز”، وأنه لا يمكن التعامل مع أحكام الله كأنها قرارات إدارية قابلة للتغيير حسب الحاجة.
وتابع كريمة قائلاً إن الاجتهاد في مسائل قطعية يعتبر “تدليسًا مرفوضًا”، منتقدًا من وصفهم بـ”من يسعون لتبرير المحرمات تحت غطاء التأويل”. وأكد أن قضايا مثل الميراث ليست خاضعة لآراء الناس أو لاستفتاء شعبي، بل هي فرائض إلهية ينبغي التسليم بها كما وردت في النصوص الشرعية.
وفي الاتجاه ذاته، عبّر الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف على الرواق الأزهري، عن استيائه الشديد من تصريحات الهلالي، متهمًا إياه باستغلال صفته الأكاديمية داخل الأزهر لتمرير ما وصفه بـ”أفكار منحرفة لا علاقة لها بالشريعة الإسلامية”. وأكد فؤاد أن المؤسسة الأزهرية سبق وأن رفضت توجهات الهلالي الفكرية، مشيرًا إلى أن محاولاته لتفسير الدين على هواه تمثل خطرًا على المفاهيم الدينية وتؤدي إلى تشويش الوعي المجتمعي، بل وقد تُسهم – على حد قوله – في دفع البعض نحو الإلحاد.
تساءل فؤاد في تصريحه بشكل استنكاري: “هل يجوز أن نستفتي الناس على الصلاة؟”، ليؤكد أن المساس بأحكام الميراث لا يقل خطورة عن المساس بأركان الإسلام، مشيرًا إلى أن الميراث هو الموضوع الوحيد الذي فُصِّل في القرآن الكريم بدقة متناهية، ما يجعله محصنًا ضد التأويل أو التغيير.
أعادت تصريحات الهلالي طرح جدل قديم يتجدد في كل مرة يُثار فيها الحديث عن تطوير أو مراجعة بعض الأحكام الشرعية في ضوء تطورات العصر، لكنه في هذه المرة أخذ منحًى أكثر حدة بسبب موقع المتحدث الأكاديمي وما تمثله المؤسسة الأزهرية من ثقل ديني ورمزي في العالم الإسلامي، لتبقى المسألة مفتوحة على صراعات فكرية متصاعدة بين دعاة التجديد وحراس الثوابت.