وسط جدل ..”المؤتمر” يطرح مشروع قانون جديد حول النظام الانتخابي وزيادة المقاعد

في خطوة تفتح بابًا واسعًا للنقاش حول مستقبل النظام الانتخابي المصري، أطلق حزب المؤتمر أولى جلسات مائدة مستديرة بمقره بالتجمع الخامس، برئاسة الربان عمر المختار صميدة، عضو مجلس الشيوخ، لمناقشة مشروع قانون جديد لتقسيم الدوائر الانتخابية أعده الدكتور عمرو الهلالي، مساعد رئيس الحزب لشؤون الانتخابات. وتأتي هذه المبادرة في لحظة سياسية حرجة، يتصاعد فيها الجدل بين القوى الحزبية حول آليات التمثيل النيابي، وحدود التوازن بين العدالة الدستورية وفعالية الأداء البرلماني.
المائدة، التي حضرها عدد من قيادات الحزب وأعضاء الهيئة البرلمانية وممثلون من الأحزاب السياسية، شهدت عرضًا تفصيليًا لأسباب تعديل القانون القائم، حيث حذر الهلالي من احتمالية وجود شبهة عدم دستورية في التقسيم الحالي المعتمد بانتخابات برلمان 2020، نتيجة الزيادة السكانية غير المتوازنة في المحافظات، وهو ما قد يتسبب في تجاوز معيار الانحراف النسبي بنسبة 25% التي حددتها المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في 1 مارس 2015. وأشار الهلالي إلى أن مشروع القانون الجديد يسعى لحل تلك الإشكالية من خلال إعادة تقسيم الدوائر، وزيادة عدد المقاعد إلى 708، ورفع عدد الدوائر الفردية من 143 إلى 176، مع الحفاظ على تقسيم المقاعد بنسبة 50% بين النظام الفردي والقائمة.
ولم تغفل التعديلات المقترحة تمثيل المصريين في الخارج، حيث خصص المشروع 6 مقاعد فردية موزعة جغرافيًا على القارات، ضمن ما وصفه الحزب بأنه “تمييز إيجابي” مستحق لفئة لطالما عانت من ضعف التمثيل. كما شهد المشروع إعادة ترتيب بعض المحافظات داخل القوائم، مثل نقل دمياط من قائمة شرق الدلتا إلى قائمة القاهرة ووسط وشمال الدلتا، في محاولة لتحقيق توازن ديمغرافي أكثر عدالة.
ورغم الإشادة التي تلقاها المشروع من بعض الحضور، إلا أن أصواتًا معارضة تعالت، أبرزها من النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل، الذي رفض مبدأ زيادة المقاعد، وعبّر عن دعمه الصريح لنظام “القائمة النسبية”، معتبرًا إياها النظام الأمثل الذي لا يهدر أصوات الناخبين، ويعزز من فرص بناء حياة حزبية حقيقية. وأشار إمام إلى أن نظام “القائمة المطلقة المغلقة” كرّس ظاهرة توريث المقاعد، وخلق مشهدًا سياسيًا مغلقًا، لا يتيح فرصًا فعلية للتغيير أو التعددية. واستند في رفضه للزيادة إلى تجارب دولية خفّضت عدد النواب رغم ارتفاع عدد السكان، مؤكدًا أن الكفاءة البرلمانية لا تُقاس بالكم، بل بفعالية الأداء.
وفي السياق ذاته، كتب الصحفي ياسين كمال الدين مقالًا ناريًا وصف فيه العودة إلى القائمة النسبية بأنها “قبلة الحياة للبرلمان المصري”، واعتبر أن النظام القائم قتل التعددية وأفرغ المؤسسة التشريعية من مضمونها. وأكد أن الشعور بعدم الجدوى من التصويت أصبح سائدًا لدى المواطن، نتيجة غياب التنوع والتمثيل الحقيقي، داعيًا إلى إصلاح جوهري يعيد الاعتبار للنظام النسبي كخطوة أولى نحو بناء ديمقراطية حقيقية.