الخرطوم تقطع العلاقات مع أبوظبي وتصفها بـ”دولة عدوان” وسط تصعيد ميداني وأزمة دبلوماسية متصاعدة

في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة على مستوى العلاقات الإقليمية، أعلن السودان مساء أمس قطع علاقاته الدبلوماسية بشكل كامل مع دولة الإمارات العربية المتحدة، متهماً إياها بالضلوع في دعم مليشيا الدعم السريع التي تخوض صراعاً دموياً ضد الجيش السوداني. الإعلان الذي ورد عبر بيان رسمي صادر عن مجلس الأمن والدفاع السوداني، جاء في أعقاب تصعيد ميداني خطير استهدف منشآت حيوية في مدينة بورتسودان، من بينها الميناء، المطار، محطات الكهرباء، بالإضافة إلى فنادق مدنية، ما أدى إلى تعريض حياة المدنيين وممتلكاتهم للخطر المباشر.
وصفت السلطات السودانية الإمارات بأنها “دولة عدوان”، معتبرة أن دعمها المفترض للمليشيا المسلحة يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي السوداني، بل ويمس الأمن الإقليمي والدولي، وخاصة أمن البحر الأحمر الذي يُعد شرياناً استراتيجياً حيوياً للتجارة العالمية. البيان السوداني أشار إلى أن القرار الدبلوماسي اتُخذ بناءً على المادة الحادية والخمسين من ميثاق الأمم المتحدة، التي تخول للدول الحق في الدفاع عن النفس ضد أي اعتداء خارجي، وهو ما اعتبره المجلس مبرراً قانونياً لخطوته الدبلوماسية.
وبموجب القرار، سيتم سحب السفارة السودانية والقنصلية العامة من دولة الإمارات، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تؤسس لمرحلة جديدة من التوتر في العلاقات بين البلدين بعد سنوات من التعاون السياسي والاقتصادي.
من جانبها، سارعت الإمارات إلى نفي الاتهامات السودانية جملة وتفصيلاً، مؤكدة على لسان ممثلتها الدبلوماسية ريم كتيت، نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية، أن أبوظبي “ليست طرفاً في النزاع المسلح الدائر في السودان”، وأنها لم تقدم أي نوع من الدعم للقوات شبه العسكرية أو لأي جهة داخلية أخرى. تصريحات كتيت لوكالة “أسوشيتد برس” شددت على أن الدعوى التي رفعتها الخرطوم ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية “تفتقر إلى الأسس القانونية والواقعية”، مؤكدة في الوقت ذاته تمسك الإمارات بموقفها الداعم للشعب السوداني واستقرار البلاد.
ووفقاً لما ورد في تقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي، فإن الاتهامات الموجهة للإمارات “لا تستند إلى أدلة موثوقة”، وهو ما اعتبرته أبوظبي دليلاً إضافياً على ما وصفته بـ”الادعاءات المضللة” الصادرة عن الجيش السوداني.
وبينما تتصاعد حدة الاتهامات المتبادلة والتصعيد السياسي بين الخرطوم وأبوظبي، يرى محللون أن هذه الأزمة تمثل تحولاً جوهرياً في خارطة التحالفات الإقليمية، وتطرح تساؤلات جدية حول مستقبل الاستقرار في السودان، خاصة مع استمرار الحرب التي دخلت عامها الثاني وسط تفاقم الوضع الإنساني وعجز دولي واضح عن التوصل إلى تسوية سياسية تنهي معاناة الملايين من المدنيين العالقين بين خطوط النار.