أخبارتقارير و تحقيقات

ما الذي سمعته واشنطن من الحوثيين لتوقف ضرباتها؟..تفاصيل

 

في خطوة مفاجئة تُنهي فصلاً دامياً من التصعيد العسكري، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، أن الولايات المتحدة ستوقف ضرباتها الجوية ضد الحوثيين في اليمن، في أعقاب ما وصفه بتواصل مباشر وغير مسبوق مع الجماعة المسلحة المدعومة من إيران. وجاء إعلان ترامب من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، حيث أكد أن الحوثيين أبلغوا الإدارة الأمريكية بأنهم “لا يريدون القتال بعد الآن”، وهو ما دفع واشنطن إلى اتخاذ قرار بوقف الغارات الجوية التي بدأت منذ منتصف مارس/آذار، رداً على هجمات الحوثيين المتكررة على ممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر واستهدافهم إسرائيل.

ترامب، الذي كان جالسًا إلى جانب رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، أوضح أن الولايات المتحدة ستأخذ كلام الحوثيين على محمل الجد، قائلاً: “لقد استسلموا… يقولون إنهم لن يفجروا السفن بعد الآن، ونحن سنحترم ذلك”. هذا التطور جاء بعد سلسلة محادثات دبلوماسية مكثفة قادها مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، بدعم من سلطنة عمان، التي أدت دور الوسيط بين واشنطن والحوثيين في السابق.

مصادر مطلعة كشفت أن وقف إطلاق النار غير المعلن بين الجانبين يأتي في توقيت حساس يتزامن مع جهود أمريكية لإعادة إحياء المحادثات النووية مع إيران، حيث تهدف واشنطن إلى تهدئة التوترات الإقليمية لتهيئة الأجواء لجولة جديدة من المفاوضات، دون أن يتم الإعلان عن موعد محدد لها حتى الآن. في ذات السياق، وصف مستشار الأمن القومي الأمريكي ماركو روبيو هذا التفاهم بأنه “تطور مهم”، بينما تلقى الجيش الأمريكي تعليمات رسمية مساء الاثنين بوقف عملياته الجوية ضد الحوثيين، بحسب مسؤول دفاعي تحدث لشبكة CNN.

وتأتي هذه الخطوة في وقت كانت فيه الحملة العسكرية الأمريكية تعاني من تحديات ميدانية واضحة، إذ تمكن الحوثيون خلال الأسابيع السبعة الماضية من إسقاط سبع طائرات مسيّرة أمريكية باهظة الثمن، ما أدى إلى تراجع قدرة واشنطن على تنفيذ المرحلة الثانية من عمليتها العسكرية، وفقاً لتصريحات مسؤولين عسكريين أمريكيين سابقين. كما أشارت مصادر استخباراتية إلى أن الضربات الجوية لم تحقق أهدافها المرجوة على مستوى تحجيم قدرات الحوثيين أو منعهم من مواصلة هجماتهم.

رغم هذا التفاهم بين واشنطن وصنعاء، تبقى التساؤلات قائمة حول ما إذا كانت إسرائيل ستلتزم بالتهدئة. فخلال الأيام الماضية، شهدت الساحة تصعيدًا عسكريًا ملحوظًا بين تل أبيب والحوثيين، إذ تعرضت إسرائيل لهجمات باليستية وطائرات مسيرة، كان أبرزها سقوط صاروخ قرب مطار بن غوريون الدولي الأحد الماضي، في اختراق نادر لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية. وردًا على هذا الهجوم، شنت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية على مواقع حوثية في ميناء الحديدة ومناطق أخرى، وتوسعت العمليات لتشمل تدمير مطار صنعاء الدولي ومحطات طاقة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توعد بالرد بقوة، مؤكداً أن “الرد لن يكون واحدًا فقط”، بينما أعلن الحوثي البارز محمد البخيتي أن الجماعة ستقابل “التصعيد بالتصعيد”، ما يضع المنطقة على حافة انفجار جديد، بالرغم من الهدوء النسبي بين الحوثيين وواشنطن.

هذا التغير المفاجئ في سياسة واشنطن تجاه الجماعة الحوثية، يأتي في وقت تلعب فيه التحركات الدبلوماسية دوراً محورياً في رسم ملامح المرحلة المقبلة من الصراع الإقليمي، وسط تطلعات لإعادة ضبط التوازنات في الشرق الأوسط، خصوصاً في ظل الانخراط الأمريكي المتجدد في ملف إيران النووي، والتحولات الجيوسياسية العميقة التي تشهدها المنطقة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى