أخبارشئون عالمية

إسرائيل تعترف:نسيطر على 75% من غزة ولا قرار سياسي واضح

في اعتراف يعكس حجم المأزق العسكري والسياسي الذي تعيشه حكومة بنيامين نتنياهو، كشف رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، إيال زمير، خلال اجتماع مغلق مع المجلس الوزاري الأمني المصغر، أن إسرائيل تسيطر حاليًا على 75% فقط من أراضي قطاع غزة، محذرًا في ذات الوقت من مخاطر استمرار العمليات العسكرية دون حسم سياسي واضح. هذه التصريحات، التي نشرتها صحيفة “يديعوت أحرنوت”، سلطت الضوء على حجم الخلافات داخل المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية بشأن أولويات الحرب: القضاء على حركة حماس أم استعادة المحتجزين.

ورغم أن زمير حاول تصوير السيطرة على ثلاثة أرباع القطاع كنجاح ميداني، إلا أن مضمون حديثه كشف هشاشة هذا التقدم، خصوصًا مع تصاعد التحذيرات من أن المضي في العمليات قد يعرض حياة المحتجزين الإسرائيليين في غزة للخطر. هذا التحذير لم يلق آذانًا صاغية من قبل وزراء اليمين المتطرف، وعلى رأسهم إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين طالبا الجيش بمواصلة الاجتياح الكامل دون الالتفات إلى مصير المحتجزين. بن جفير اعتبر أن الأولوية المطلقة يجب أن تكون لتصفية حماس، فيما شكك سموتريتش في الأرقام التي قدّمها الجيش، مدعيًا أن السيطرة الحقيقية لا تتجاوز 50%، مطالبًا بإنشاء “منطقة إنسانية” جنوب نيتساريم لنقل المدنيين وتسهيل العمليات القتالية.

رد رئيس الأركان جاء غاضبًا ومباشرًا، رافضًا المزايدات السياسية على حساب الجنود، ومؤكدًا أن جيش الاحتلال “يخوض حربًا حقيقية، لا مسرحية”، وأن السيطرة على 1.5 مليون فلسطيني في جنوب القطاع أمر بالغ التعقيد في ظل غياب رؤية استراتيجية واضحة. هذا السجال العنيف داخل أروقة القرار الإسرائيلي يعكس أزمة عميقة، ليس فقط على مستوى الأداء العسكري، بل أيضًا في مدى قدرة الحكومة على حسم خياراتها بين التفاوض العسكري والسياسي.

وفقا للصحيفة، المجلس المصغر، ناقش ثلاثة سيناريوهات للخروج من المأزق: الأول يتمثل في صفقة تبادل لإطلاق سراح المحتجزين، والثاني يذهب نحو اجتياح كامل للقطاع، والثالث يقوم على فرض حصار طويل الأمد مع توسيع نطاق المساعدات الإنسانية كوسيلة ضغط. إلا أن غياب توافق حكومي حال دون اتخاذ أي قرار، ما دفع المراقبين لوصف الوضع بـ”الشلل الاستراتيجي”، حيث تتحرك القوات ميدانيًا دون غاية نهائية متفق عليها.

التباين في الرؤى تزامن مع تزايد الخسائر العسكرية؛ إذ ارتفع عدد قتلى جيش الاحتلال منذ بداية الحرب إلى 436 جنديًا، بينهم 31 منذ انهيار الهدنة في مارس الماضي، إضافة إلى أكثر من 2700 مصاب، وسقوط 41 محتجزًا داخل غزة، بحسب إحصاءات الصحيفة. هذه الخسائر أثارت غضب الرأي العام الإسرائيلي، خاصة بين عائلات المحتجزين الذين يتظاهرون بشكل شبه يومي للمطالبة بوقف العمليات العسكرية وتغليب مسار التفاوض.

في المقابل، يسعى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى تجاوز الانقسام داخل حكومته عبر تسويق خيار “الصفقة الشاملة”، التي يتطلب إنضاجها دعمًا أميركيًا متزايدًا، وهو ما دفعه، وفق الصحيفة، إلى مطالبة واشنطن بالضغط على قطر لتليين موقف حماس وتحريك ملف التفاوض. لكن حتى الآن، تبدو جميع الخيارات عالقة، في وقت تواصل فيه إسرائيل خوض حرب دون بوصلة، في قطاع بات أشبه بحقل ألغام سياسي وعسكري يهدد استقرار الحكومة ويضعها في مواجهة مباشرة مع الشارع الغاضب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى