القاهرة تعيد رسم ملامح الشرق الاوسط الجديد بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي

كتب :حسام حفني
في مشهد يعكس تحولات كبرى في التوازنات السياسية بالشرق الاوسط جاء الاتصال الهاتفي بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب بمثابة اعلان لبداية محور سياسي جديد تتقاطع فيه المصالح وتعاد فيه صياغة ادوار القوى الاقليمية والدولية الاتصال لم يكن مجرد مجاملة دبلوماسية بعد توقيع اتفاق وقف اطلاق النار في غزة بل خطوة مدروسة تؤسس لتحالف استراتيجي جديد قد يعرف مستقبلا باسم تحالف شرم الشيخ للسلام
لغة البيان الصادر عقب الاتصال حملت رسائل واضحة وعميقة الدلالة اشادة السيسي بترامب ووصفه بانه يستحق جائزة نوبل للسلام لم تكن تعبيرا دبلوماسيا عابرا بل رسالة موجهة للعالم بان امريكا صنعت السلام لكن من ارض مصر هذه المعادلة الجديدة منحت واشنطن الفضل الدبلوماسي فيما احتفظت القاهرة بالفضل الجغرافي والسياسي ما يعيد رسم موازين القوى في المنطقة ورد ترامب التحية بعبارة ذات مغزى حين قال ان الانظار كانت متجهة نحو مصر اثناء مفاوضات شرم الشيخ وهو تصريح غير مسبوق من رئيس امريكي يعترف صراحة بان مركز الثقل السياسي في المنطقة اصبح في القاهرة وليس في تل ابيب او واشنطن حديثه عن الاحتفالية الكبرى في مصر يعكس ان الاتفاق تحول الى حدث عالمي رمزي سيحتفى به دوليا ويسجل كاحد اهم مشاهد القرن في التاريخ الدبلوماسي
مع الاعلان عن الاتفاق والاتصال الرئاسي بدأت العواصم الكبرى في التحرك لتأمين مواقعها داخل المشهد الجديد لما بعد الحرب زيارة ويتكوف وكوشنر لاسرائيل جاءت لترتيب الموقف الداخلي الاسرائيلي وضمان التزام تل ابيب ببنود الاتفاق خاصة مع عودة كوشنر مهندس صفقة القرن سابقا الى المشهد لكن هذه المرة تحت قيادة ترامب الجديدة وبشراكة مباشرة مع القاهرة فرنسا لم تخف رغبتها في التواجد ضمن المشهد حيث صرح الرئيس ايمانويل ماكرون قائلا لا مستقبل لحماس وسلاحها في غزة ونحن مستعدون للمشاركة في قوة حفظ الاستقرار هذا التصريح يضع باريس ضمن الدول الساعية للمشاركة في قوة مراقبة دولية ستشرف على تنفيذ الاتفاق داخل غزة لكن القرار النهائي في يد مصر باعتبارها الدولة الوحيدة القادرة على القبول او الرفض لوجود اي قوة اجنبية على حدودها التهاني المتزامنة من الولايات المتحدة واوروبا والدول العربية عكست توافقا دوليا نادرا حول رؤية السلام الجديدة بفضل الوساطة المصرية التي جنت الاطراف من خلالها مكاسب سياسية متوازنة دون خسائر ميدانية
داخل اسرائيل بدأ الاعلام يتحدث عن اجتماعات الحكومة المصغرة لمناقشة بنود الاتفاق التسريبات الصادرة عن مكتب نتنياهو كانت صريحة لن نبادر بهجمات وهي العبارة التي تعد الاولى من نوعها في الخطاب الاسرائيلي منذ سنوات طويلة اذ تعكس انتقالا من لغة الهجوم الى الدفاع ما يؤكد ان تل ابيب خرجت من الحرب مضطرة لا مختارة سياسيا يقف نتنياهو امام معضلة معقدة لا يستطيع رفض الاتفاق لانه برعاية السيسي وترامب وهما شخصيتان تمتلكان ثقلا دوليا هائلا وفي الوقت نفسه لا يمكنه الاحتفاء به علنا لانه ينسف صورة القائد المنتصر التي بنى عليها تاريخه السياسي ومن المتوقع ان تشهد اسرائيل خلال الايام القادمة ازمة سياسية داخلية عنوانها كيف خسرت اسرائيل الحرب وكسبت مصر السلام
تتبلور ملامح مرحلة جديدة عنوانها اعادة رسم خريطة الاقليم مصر ستتولى الدور التنفيذي للاتفاق بصفتها الضامن الاساسي لاي التزامات سياسية او ميدانية تخص غزة ترامب سيستخدم هذا الحدث كورقة انتخابية قوية باعتباره صانع السلام الذي انهى اطول حروب الشرق الاوسط اسرائيل ستبدأ انسحابا تدريجيا تحت اشراف قوة مراقبة دولية قد تضم فرنسا والولايات المتحدة وربما قوات رمزية عربية غزة ستدخل مرحلة اعادة اعمار كبرى بتمويل عربي ودولي باشراف مصري مباشر المعادلة الجديدة في المنطقة باتت واضحة واشنطن زائد القاهرة زائد الدوحة هي الصيغة السياسية الجديدة لادارة ملفات الشرق الاوسط بدلا من المعادلة القديمة واشنطن زائد تل ابيب
يبدو اننا امام تحول تاريخي فعلي لا يمكن اعتباره مجرد هدنة مؤقتة السيسي نجح في اعادة تموضع مصر كقلب العالم السياسي وصانع التوازن بين القوى الكبرى ترامب حصل على اللقطة التي ستعيده الى الواجهة العالمية كرجل السلام اسرائيل خرجت من الحرب بلا مكاسب ميدانية تذكر في المقابل يتشكل الان ما يمكن تسميته بتحالف شرم الشيخ للسلام تحالف يضم مصر والولايات المتحدة وقطر كقوى ضامنة وتقف خلفه فرنسا واوروبا كقوى داعمة تحالف قد يكون البذرة الاولى لاعادة صياغة الشرق الاوسط سياسيا وامنيا خلال الشهور القادمة