حلل يادويري:كيف يحاول الاحتلال استغلال هذه العبارة كرسالة للشعب الفلسطيني؟

كتبت: رانيا سمير
في مشهد يعكس أوجاع المعاناة المستمرة، ألقت طائرات الاحتلال منشورات دعائية على مناطق في المحافظة الوسطى والجنوب بقطاع غزة، في محاولة لزعزعة المعنويات وإثارة القلق بين السكان المدنيين. تظهر هذه المنشورات عائلات تجلس بين الأنقاض، مرفقة بعبارات تحمل إشارات متباينة بين الترقب والخذلان. واحدة من هذه العبارات تساءلت: “هل بات النصر على الأبواب أم ليس بعد؟” بينما خاطبت أخرى المقاومة بعبارة: “حلل يا دويري”، وهي العبارة التي ارتبطت مؤخراً باسم الشهيد مهند رزق جبريل، أحد مقاومي كتائب القسام، وأخرى انتصار جديد للمقاومة.
مهند رزق جبريل، الشاب الذي استشهد في معارك الدفاع عن قطاع غزة، أصبح رمزا للبطولة بين أبناء شعبه، حيث تداول الفلسطينيون كلماته الشهيرة: “حلل يا دويري” التي وجهها للخبير العسكري ومحلل قناة الجزيرة اللواء فايز الدويري. جبريل، خريج كلية الإعلام بجامعة فلسطين، عرف بشجاعته في ميادين المقاومة، حيث واجه جيش الاحتلال غير مدبر، واستطاع أن يثخن في صفوفه قبل أن يرتقي شهيدا.
في أحد مقاطع الفيديو التي بثها الإعلام العسكري للقسام، ظهر جبريل وهو يستهدف مجموعة من جنود الاحتلال المتحصنين داخل منزل في منطقة جحر الديك. في لحظة مثيرة، أشار المقاتل إلى الهدف المحاصر، قبل أن يتحول المنزل إلى كتلة من اللهب والدخان إثر إصابته بقذيفة مضادة للتحصينات. خلال هذه اللحظات صاح جبريل بصوته الجهوري: “حلل يا دويري”، في إشارة إلى اللواء الدويري الذي يتابع الوضع العسكري في غزة عبر قناة الجزيرة. المشهد الذي وثق هذه العملية أثار إعجاب المشاهدين وأعاد التأكيد على قدرة المقاومة على تحقيق ضربات موجعة لجيش الاحتلال.
رداً على ذلك، ظهر اللواء فايز الدويري على شاشة الجزيرة بابتسامة تعبر عن احترامه لهذا التحدي، مؤكدا في فقرة التحليل العسكري: “سأحلل بالتأكيد”، في إشارة إلى وعيه بأهمية توثيق هذه اللحظات في سياق التحليل العسكري الدقيق.
الأهداف المحتملة لاستخدام هذه الصور
ومع الإعلان عن بدء وقف إطلاق النار غداً في الساعة الثامنة والنصف صباحاً بالتوقيت المحلي، يأمل الفلسطينيون أن تحمل هذه الهدنة بارقة أمل لتخفيف المعاناة الإنسانية. غير أن الرسائل التي ألقتها طائرات الاحتلال تعكس محاولة الاحتلال لاستغلال الهدنة في تحقيق مكاسب نفسية. واستخدم الصور التي تظهر عائلات فلسطينية تجلس وسط الأنقاض لإيصال رسائل نفسية تستهدف التأثير على الروح المعنوية للسكان والمقاومة في قطاع غزة. الغرض الأساسي من هذه الصور هو خلق شعور بالإحباط واليأس، وإظهار المعاناة الإنسانية كأداة دعائية لتعزيز الفكرة بأن الوضع الحالي لا يحمل أي بوادر أمل.
تهدف الصور التي ألقتها طائرات الاحتلال إلى ضرب الروح المعنوية للسكان الفلسطينيين عبر بث مشاعر الحزن والضعف من خلال تسليط الضوء على الدمار الذي خلفته الحرب وربط ذلك برسائل تشكك في جدوى المقاومة وأفق تحقيق النصر كما تسعى هذه الصور إلى إثارة الانقسام الداخلي عبر استخدام عبارات مثل “هل بات النصر على الأبواب أم ليس بعد؟” لزرع الشك في جدوى المقاومة وقيادتها مما قد يؤدي إلى خلق خلافات داخلية بين الشعب أو بين فصائل المقاومة بالإضافة إلى ذلك تحمل العبارة “حلل يا دويري” و “انتصار المقاومة” دلالات استفزازية تهدف إلى التقليل من العمليات التي تنفذها المقاومة الفلسطينية وإظهار الاحتلال وكأنه يراقب ويرد على هذه العمليات بطريقة استخفافية واختيار توقيت إلقاء هذه المنشورات قبيل بدء وقف إطلاق النار يشير إلى محاولة الاحتلال استغلال اللحظات الأخيرة من التصعيد لتحقيق مكاسب نفسية من خلال التأثير على سكان غزة ودفعهم إلى الشك في نتائج المقاومة أو مصداقية الهدنة نفسها
الرسائل غير المباشرة
هذه الصور ليست مجرد منشورات عشوائية، بل هي جزء من استراتيجية إعلامية نفسية تهدف إلى تقويض الإيمان الشعبي بالمقاومة، عبر تصوير الواقع بأنه مليء بالمآسي والدمار، في حين يلمح الاحتلال إلى أن الحل لن يأتي إلا عبر الاستسلام لشروطه.