المزيدمقالات
أخر الأخبار

ابن خلدون والجمهور الأدبي وعلاقات الإبداع والبداوة والحضارة

 

حاتم عبدالهادي السيد

لقد ربط عبد الرحمن بن خلدون في كتابة “المقدمة الى علم العمران البشري” بين القراءة وعلاقتها بالعمران البشري، وذلك من خلال تفسيره للعلاقة بين مجتمعات البدو والحضر فذكر بأن القراءة نشاط تابع للعمران فقال” ولهذا نجد أكثر البدو أميين لا يكتبون ولا يقرأون، ومن قرأ منهم أو كتب فيكون خطه قاصراً، وقراءته غير ناقدة .

ويبدو من خلال هذه البداية في كلام ابن خلدون أن المجتمعات البدائية أو البعيدة عن العمران كمجتمعات البدو الذين يعيشون منعزلين في بيئاتهم هم أقل قدرة في نشاط القراءة، بل وقد تنعدم كما أن من قرأ منهم أو كتب تظل كتابته كما تظل قراءته غير ناقدة، وهذا نابع من عدم التواصل الحراكي المجتمعي – في رأيي – إذ أهمل كما يبدو الثقافة المحلية أو المجتمعية التي تنظم ذلك الفكر القبلي لتلك المجتمعات، وأن كنت أسميه “الفكر الطبقي الجانح لنزوع محلي” .

لذا لم نعدم وجود ما يسمى بالثقافة الخاصة لهؤلاء، خاصة وقد اصطلحنا الى تسميتهم “مجتمعات” فطالما أنهم كذلك فلابد أن تحكمهم ثقافة وقانون، وان اختلفا عن الثقافة والقانون المدني. ومع اختلافنا مع ابن خلدون فالمجتمعات الصحراوية كالبدو هم أكثر نبوغاً وفراسة، وثقافة كذلك.

ولقد أثرت أن ابدأ بكلام ابن خلدون لا براز العلاقة بين المبدع والمتلقي ثم الناقد ومن قبلها علاقة المبدع بالنص الأدبي قبل، وأثناء وبعد الكتابة، ثم ما عرف بعد ذلك موت المؤلف كما يقول “رولان بارت” في تأكيد سلطة القارئ وذلك حين أطلق صيحته الشهيرة عام 1968م: “أن مولد القارئ يجب أن يعتمد على موت الكاتب”.

وليس هذا معناه أن نخرج من سلطة الكاتب لنقع في سلطة القارئ، لذا يجب أن نتحدث عن الجمهور الأدبي – في رأيي – أولاً، حتى يمكن أن نحدد ونحلل ونستقرئ درس القراءة بصفة عامة، والقراءة الأدبية بصفة خاصة، بغية تحديد آليات العلاقة بين الكاتب أو المبدع وبين القارئ أو المتلقي، ثم ماهية الرسالة، وبعد ذلك دور الناقد كقارئ أولاً، ولا أقول مبدع ينتح دلالات قرائية جديدة تنبع غالباً من ثقافة مؤدلجة تتعلق بالناقد وميوله ونزوعه نحو قابلياته للخطاب الأدبي، أو المنتج الاستهلاكي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى